و بالنتيجة فالظلم بمعنى التعذيب و الضغط و المشقة إذا كان بسوء اختيار المكلف و مستندا اليه كان عملا سائغا لا مانع منه، و من ضوء هذا البيان الشامل يستفاد صحة القاعدة: الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.
و بما أنّ مدلول القاعدة ثابت بالحكم العقلي القطعي كان دلالة الآية عليها (القاعدة) إرشاديّة.
3- التسالم: قد تحقّق التسالم عند الأصوليين على مدلول القاعدة، فلا خلاف فيه عندهم و الأمر متسالم عليه عندهم. و تمسكوا بهذه القاعدة (الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار) في مسألة اجتماع الأمر و النهي كالدخول في الدار المغصوبة بسوء الاختيار، و الأمر من المسلّمات المرسلة عندهم.
و كيف كان فلا كلام و لا خلاف في أصل المسألة و إنّما الكلام كلّه في نطاق القاعدة سعة و ضيقا بأنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا و خطابا أو عقابا فقط.
التحقيق: هو الثاني (عدم المنافاة عقابا فقط)؛ و ذلك لعدم توجه الخطاب الفعلي إلى العاجز و لصحة العقاب على الفعل (التصرف في المغصوب) الذي ينتهي إلى سوء الاختيار.
قال المحقّق صاحب الكفاية (رحمه اللّه): و الحقّ أنّه (الخروج) منهيّ عنه بالنهي السابق الساقط بحدوث الاضطرار إليه و عصيان منه بسوء الاختيار، و لا يكاد يكون مأمور به [1].
و وافق سيّدنا الأستاذ مع هذه النظرية و أفاد نفس الرأي مع شرح جميل فقال:
الصحيح هو ما أفاده صاحب الكفاية (رحمه اللّه): من أنّ الخروج أو ما شاكله ليس محكوما بشيء من الأحكام الشرعيّة فعلا، و لكن يجري عليه حكم النهي السابق