نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد جلد : 1 صفحه : 200
أهلها، فلم تقسم، و لا سبى أهلها، لما عظّم اللّه من حرمتها، أو أقرت للمسلمين؟ أشار إلى ذلك ابن رشد.
و على الأول: ينبنى جواز بيع دورها و إجارتها، و ينبنى منع ذلك على القول بأنها أقرت للمسلمين.
و فى هذا القول نظر. فقد بيعت دور مكة فى عهد النبى (صلى اللّه عليه و سلم)، و عمر و عثمان رضى اللّه عنهما، و بأمرهما اشتريت دور مكة لتوسعة المسجد الحرام، و كذلك فعل ابن الزبير رضى اللّه عنهما.
و فعل ذلك غير واحد من الصحابة رضى اللّه عنهم. و هم أعرف الناس بما يصلح فى مكة.
و هذا مذكور فى تاريخ الأزرقى، ما عدا بيعها فى زمن النبى (صلى اللّه عليه و سلم) فإن ذلك مذكور فى كتاب الفاكهى عن عبد الرحمن بن مهدى.
و لا يعارض هذا حديث علقمة بن نضلة الكنانى- و قيل الكندى- «كانت الدور و المساكن على عهد النبى (صلى اللّه عليه و سلم)، و أبى بكر، و عمر، و عثمان رضى اللّه عنهم- لا تكرى و لا تباع، و لا تدعى إلا السوائب، من احتاج سكن، و من استغنى أسكن». و هذا لفظ الأزرقى. و فى ابن ماجة معناه [1].
لأن حاصل حديث علقمة: شهادة على النفى. و فى مثل هذا يقدم المثبت. و اللّه أعلم.
و اختلف الحنفية فى جواز بيع دور مكة، فاختار الصاحبان- أبو يوسف و محمد بن الحسن- جواز ذلك. و على قولهما الفتوى، فيما ذكر الصدر الشهيد، و مقتضى قولهما بجواز البيع، جواز الكراء. و اللّه أعلم.
و اختلف رأى الإمام أحمد رضى اللّه عنه فى ذلك. فعنه روايتان فى جواز بيع دور مكة و إجارتها. و رجح كلا منهما مرجح من أتباعه المتأخرين.
و لم يختلف مذهب الشافعى رضى اللّه عنه فى جواز بيع دور مكة و كرائها؛ لأنها عنده فتحت صلحا. و قال بعضهم عنه: فتحت بأمان، و هو فى معنى الصلح.
[1] أخرجه ابن ماجة فى سننه (3107) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة، حدثنا عيسى بن يونس، عن عمر بن سعيد بن أبى حسين، عن عثمان بن أبى سليمان، عن علقمة بن نضلة، قال: «توفى رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) و أبو بكر، و عمر و ما تدعى رباع مكة إلا السوائب، من احتاج سكن و من استغنى أسكن».
نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد جلد : 1 صفحه : 200