responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد    جلد : 1  صفحه : 199

اختلف فى ذلك قول مالك. فروى عنه: أنه كره بيعها و كراء دورها، فإن بيعت أو أكريت: لم يفسخ. و روى عنه منع ذلك.

و ليس سبب الخلاف عند المالكية: الخلاف فى مكة: هل فتحت عنوة، أو صلحا؟

لأنهم لم يختلفوا فى أنها فتحت عنوة.

و إنما سبب الخلاف عندهم فى ذلك: الخلاف فى مكة: هل منّ النبى (صلى اللّه عليه و سلم) بها على‌


- أخص به من غيره، و هو البناء، و أما الإجارة فإنما ترد على المنفعة، و هى مشتركة، و للسابق إليها حق التقدم دون المعاوضة، فلهذا أجزنا البيع دون الإجارة، فإن أبيتم إلا النظير، قيل: هذا المكاتب يجوز لسيده بيعه، و يصير مكاتبا عند مشتريه، و لا يجوز له إجارته إذ فيها إبطال منافعه و أكسابه التى ملكها بعقد الكتابة و اللّه أعلم. على أنه لا يمنع البيع، و إن كانت منافع أرضها و رباعها مشتركة بين المسلمين، فإنها تكون عند المشترى كذلك مشتركة المنفعة، إن احتاج سكن، و إن استغنى أسكن كما كانت عند البائع، فليس فى بيعها إبطال اشتراك المسلمين فى هذه المنفعة، كما أنه ليس فى بيع المكاتب إبطال ملكه لمنافعه التى ملكها بعقد المكاتبة، و نظير هذا جواز بيع أرض الخراج التى وقفها عمر رضى اللّه عنه على الصحيح الذى استقر الحال عليه من عمل الأمة قديما و حديثا، فإنها تنتقل إلى المشترى خراجية، كما كانت عند البائع، و حق المقاتلة إنما هو فى خراجها، و هو لا يبطل بالبيع، و قد اتفقت الأمة على أنها تورث، فإن كان بطلان بيعها لكونها وقفا، فكذلك ينبغى أن تكون وقفيتها مبطلة لميراثها، و قد نص أحمد على جواز جعلها صداقا فى النكاح، فإذا جاز نقل الملك فيها بالصداق و الميراث و الهبة، جاز البيع فيها قياسا و عملا، وفقها. و اللّه أعلم.

فإذا كانت قد فتحت عنوة، فهل يضرب الخراج على مزارعها كسائر أرض العنوة، و هل يجوز لكم أن تفعلوا ذلك أم لا؟.

قيل: فى هذه المسألة قولان لأصحاب العنوة.

أحدهما: المنصوص المنصور الذى لا يجوز القول بغيره، أنه لا خراج على مزارعها و إن فتحت عنوة، فإنها أجل و أعظم من أن يضرب عليها الخراج، لا سيما و الخراج هو جزية الأرض، و هو على الأرض كالجزية على الرءوس، و حرم الرب أجل قدرا و أكبر من أن تضرب عليه جزية، و مكة بفتحها عادت إلى ما وضعها اللّه عليه من كونها حرما آمنا يشترك فيه أهل الإسلام، إذ هو موضع مناسكهم و متعبدهم و قبلة أهل الأرض.

و الثانى- و هو قول بعض أصحاب أحمد: أن على مزارعها الخراج، كما هو على مزارع غيرها من أرض العنوة، و هذا فاسد مخالف لنص أحمد (رحمه اللّه) و مذهبه، و لفعل رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) و خلفائه الراشدين من بعده رضى اللّه عنهم، فلا التفات إليه، و اللّه أعلم.

و قد بنى بعض الأصحاب تحريم بيع رباع مكة على كونها فتحت عنوة، و هذا بناء غير صحيح، فإن مساكن أرض العنوة تباع قولا واحدا، فظهر بطلان هذا البناء و اللّه أعلم.

انظر: (زاد المعاد 3/ 315 و ما بعدها).

نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد    جلد : 1  صفحه : 199
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست