responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 178

يكون الأزل ظرفا لوجوداتها كذلك، إلّا أنها موجودة في الأزل للّه سبحانه وجودا جمعيّا وحدانيا غير متغيّر، بمعنى أنّ وجوداتها اللايزالية الحادثة ثابتة للّه سبحانه في الأزل كذلك، و هذا كما أنّ الموجودات الذهنية موجودة في الخارج إذا قيّدت بقيامها بالذهن، و إذا اطلقت من هذا القيد فلا وجود لها إلّا في الذهن.

فالأزل يسع القديم و الحادث و الأزمنة و ما فيها و ما خرج عنها، و ليس الأزل كالزمان و أجزائه محصورا مضيّقا يغيب بعضه عن بعض، و يتقدّم جزء و يتأخّر آخر، فإنّ الحصر و الضيّق و الغيبة من خواص الزمان و المكان و ما يتعلّق بهما، و الأزل عبارة عن اللازمان السابق على الزمان سبقا غير زماني، و ليس بين اللّه و بين العالم بعد مقدّر، لأنّه إن كان موجودا يكون من العالم و إلّا لم يكن شيئا و لا ينسب أحدهما إلى الاخر من حيث الزمان بقبلية و لا بعدية و لا معيّة لانتفاء الزمان عن الحق و عن ابتداء العالم، فسقط السؤال بمتى عن العالم، كما هو ساقط عن وجود الحق؛ لأن متى سؤال عن الزمان و لا زمان قبل العالم، فليس إلّا وجود بحت خالص ليس من العدم، و هو وجود الحق، و وجود من العدم و هو وجود العالم، فالعالم حادث في غير زمان.

و إنّما يتعسّر فهم ذلك على الأكثرين لتوهّمهم الأزل جزء من الزمان يتقدّم سائر الأجزاء و إن لم يسمّوه بالزمان، فإنّهم أثبتوا له معناه، و توهّموا أنّ اللّه سبحانه فيه و لا موجود فيه سواه، ثم أخذ يوجد الأشياء شيئا فشيئا في أجزاء اخر منه، و هذا توهّم باطل و أمر محال، فإنّ اللّه سبحانه ليس في زمان، و لا في مكان، بل هو محيط بهما و بما فيهما و بما معهما و ما تقدّمهما.

و تحقيق المقام يقتضي بسطا من الكلام، و فتح باب علم مكنون لا تسعه العقول المشوبة بالأوهام، و نحن نشير إلى لمعة منه لمن كان أهله سائلين من اللّه جلّ و عزّ أن يحفظها عن القاصرين المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق إن شاء اللّه. فنقول: ليعلم أن نسبة ذاته تعالى إلى مخلوقاته يمتنع أن يختلف بالمعيّة و اللامعيّة، و إلّا فيكون بالفعل مع بعض، و بالقوة مع آخرين، فيتركب ذاته سبحانه من جهتي فعل و قوة، و تتغيّر صفاته حسب تغيّر المتجدّدات المتعاقبات، تعالى عن ذلك، بل نسبة ذاته التي هي فعلية صرفة و غناء محض من جميع الوجوه إلى الجميع و إن كان من الحوادث الزمانية نسبة واحدة و معيّة قيومية ثابتة غير زمانية و لا متغيّرة أصلا، و الكل بغنائه بقدر استعداداتها مستغنيات كلّ في وقته

نام کتاب : الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 178
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست