و توضيحه: أنّ ذهاب المال الكثير بإزاء القليل، بحيث لا يتمكّن للمالك من ارتجاعه ضرر، لاستلزامه فوات مقدار من المال بلا بدل. و الخيار إذا ثبت انتفى هذا المعنى، و أمّا اللزوم مع البذل. فالضرر معه- حاصلا- يمكن تداركه بأخذ المبذول، و مقتضى الحديث عدم جعل الضرر، لا عدم جعله بدون التدارك.
كذا أفاده السيّد الأستاذ- دام عمره و عزّه- و فيه نوع من التأمّل.
هذا كلّه في نفي احتمال البذل بأنحائه، و يرد على احتمال تعيينه أنّه ضرر على الغابن، لأنّه قد يتعلّق غرضه بشراء المال بدون قيمته، مع أنّه قد يقع في كلفة تحصيل المقدار المبذول، و هو ضرر آخر.
و من هنا، اندفع ما يقال في ترجيح البدل على الخيار: بأنّ إلزام الغابن بالفسخ ضرر عليه، لتعلّق غرض الناس بما ينتقل إليهم من أعواض أموالهم، خصوصا النقود، و نقض الغرض ضرر و إن لم يبلغ حدّ المعاوضة لضرر المغبون.
مع أنّه يرد عليه- أيضا- بأنّ غرض المغبون قد يتعلّق بتملّك عين ذات قيمته، لكون المقصود اقتناءها للتجمّل، و التجمّل بذات القيمة اليسيرة مستنكف عنه.
و قد يجاب عن احتمال البذل باستصحاب الخيار معه.
و يرد عليه: أن ذلك يدفع احتمال التخيير بين الفسخ و البذل ابتداء.
و لو قلنا: إنّ الفسخ مرتّب على عدم البذل، و إنّ الخيار يثبت على الممتنع، دون الباذل فلا مجرى للاستصحاب، لعدم ثبوت الخيار ما لم يمتنع الغابن عن البذل.
الأمر الخامس:
بعض الأخبار الخاصّة كما عن الكافي بسنده إلى إسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: غبن المسترسل سحت [1].
و عن الميسرة عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال: غبن المؤمن حرام [2].
[1] فروع الكافي: ج 5 ص 153 ح 14، وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب الخيار ح 1 ج 2 ص 363.
[2] فروع الكافي: ج 5 ص 153 ح 15، وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب الخيار ح 1 ج 2 ص 364 فيهما عن ميسّر.