و في رواية أخرى: لا تغبن المسترسل فإنّ غبنه لا يحلّ [1]. و عن مجمع البحرين:
أنّ الاسترسال: الاستيناس و الطمأنينة إلى الإنسان، و الثقة به فيما يحدثه، و أصله السكون و الثبات، و منه الحديث: أيّما مسلم استرسل الى مسلم فغبنه فهو كذا، و منه غبن المسترسل سحت [2].
قلت: أمّا دلالة ما عدا خبر ابن عمار فيمكن منعها، لاحتمال أن يكون المراد منها حرمة الخيانة في المشاورة، فيكون الغبن من الخديعة في الرأي.
و أمّا رواية ابن عمار فيرد عليه: أنّه يحتمل أن يكون المراد منها: أنّ الغابن بمنزلة آكل السحت في استحقاق العقاب على أصل العمل، و هي الخديعة في أخذ المال.
و يحتمل أن يراد: كون المقدار الزائد الذي يأخذه زائدا على ما يستحقّه بمنزلة السحت في الحرمة، و الضمان.
و يحتمل أن يراد: كون مجموع العوض المشتمل على الزيادة بمنزلة السحت في تحريم الأكل في صورة خاصّة، و هي اطّلاع المغبون، و ردّه للمعاملة المغبون فيها.
و لا ريب أنّ الحمل على أحد الأوّلين أولى، و لا أقلّ من المساواة للثالث فلا دلالة.
قلت: مراده من حرمة الزيادة و ضمانها: إن كان حرمة الأخذ، مع كونها بعد التملّك حلالا، و ضمانها بمعنى وجوب ردّ قيمتها إن طلبه المغبون، لينطبق على احتمال تعيين بذل التفاوت فلا ريب أنّه في غاية مخالفة الظاهر.
و إن أراد الحرمة حتى بعد الأخذ و ضمانها- يعني وجوب ردّها أو بدلها عند التلف- فهو مخالف للإجماع، لأنّه قبل الاطّلاع على الغبن لا يجب دفع شيء.
[1] وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب آداب التجارة ح 7 ج 12 ص 285.