و الدليل الظنّي الدالّ على مساواته للمجتهد المطلق موقوف على علمه بقبول الاجتهاد التجزئة، و هذا موقوف على علمه بصحّة عمله على ظنّه، و لو شئت بدلت العلم بالظنّ في المقامات؛ فإنّ الدور حينئذ لازم أيضا مع لزوم مفسدة اخرى، فتأمّل.
و ربّما يجاب عن الدور بأنّ المتنازع فيه هو التجزّي في الفروع، و أمّا الاصول فجائز إجماعا [1]، و جعل حاصل الجواب أنّ القطعي و هو الإجماع دلّ على جواز العمل بالظنّ الحاصل في المسائل الاصولية.
و فيه: منع تحقق الإجماع على ما ذكرت، كيف و المشهور- بل كاد أن يكون إجماعا [2]- أنّ الظنّ في الأصول غير معتبر فتدبّر، و لو سلم فاجماع الاصوليين- يعني مجرد اتفاقهم- حصول القطع منه محلّ نظر، بل الظاهر عدمه.
و اجيب أيضا عن الدور بأنّ بقاء التكليف و عدم التكليف بما لا يطاق قطعيان يقتضيان الاكتفاء بالظنّ في هذه المسألة، إذ لا بدّ له إمّا من اجتهاد أو تقليد، فكما أنّه لا قطع لاجتهاده، كذا لا قطع [3] لتقليده [4].
و فيه: أنّ هذا لو تمّ لكان دليلا علميّا على نفس التجزّي و لا دخل لواسطة [5] الظنّ به، و الدور إنّما هو على تقدير أن يكون دليل التجزّي هو الظنّ، فيكون ما ذكرت منعا لما ذكره بقوله: (و أقصى ما يتصوّر في موضع النزاع أن
[1] المجيب هو سلطان العلماء، معالم الاصول (مع حاشية سلطان العلماء): 223.