سلّمنا كون الآني أيضا داخلا في دعواهم، لكنّ التخصيص بالآني و اخراج ما أشرنا اليه كما يظهر من كلامه، فيه ما فيه.
ثمّ إنّ الدليل الأوّل الذي استدلّ به هو عبارة عن أنّ الامتثال الاحتمالي غير كاف بل لا بدّ من الظنّ به و بالخروج عن عهدة التكليف، و ليس هذا من الاستصحاب في شيء و لا خصوصيّة له بالشكّ الذي ذكره، بل الشكّ بأيّ نحو وقع في مقام الامتثال يضرّ، و لا بدّ من رفعه باليقين أو الظنّ حتّى يصدق في العرف أنّه أطاع و امتثل؛ لأنّ الإطاعة واجبة قطعا، و الرجوع فيه و في معرفته و صدقه إلى العرف، و هو المحكّم فيه.
ثمّ إنّه معلوم أنّ هذا الشكّ في الامتثال منشؤه أنّ التكليف الثابت وقع فيه إجمال و احتمال لا بدّ في مقام الامتثال و الخروج عن العهدة من ارتكاب جميع الاحتمالات التي ترفع اخلال ذلك الاجمال، و الاحتمال بالخروج عن العهدة و صدق الامتثال، و هذا بعينه ما ذكره صاحب المعالم رحمة اللّه عليه في مقام إثبات حجيّة ظنّ المجتهد و خبر الواحد [1].
و اعترض عليه الوحيد رحمة اللّه عليه بأنّ أصل البراءة تكفينا و تمنعنا عن العمل بالظنّ، فكيف في المقام لم يتمسّك بأصل البراءة بل أوجب تحصيل الظنّ و العمل به [2]!