على أنّ الحكم الفلاني بعد تحقّقه ثابت إلى حدوث حال كذا و وقت كذا- مثلا- معين في الواقع، فحينئذ إذا حصل ذلك الحكم يلزم الحكم باستمراره إلى ان يعلم وجود مزيله، و لا يحكم بنفيه بمجرد الشكّ في وجوده، و الدليل عليه أمران:
الأوّل: إذا كان الشارع أمر بشيء- مثلا- إلى غاية، فعند الشكّ بحدوثها لم يمتثل التكليف، و لم يحصل الظنّ بالامتثال، فلم يحصل الامتثال فلا بدّ من بقاء ذلك [1] التكليف حال الشكّ أيضا.
و الثاني: ما ورد من أنّ اليقين لا ينقض بالشكّ.
فان قلت: هذا كما يدلّ على حجيّة ما ذكرت كذا يدلّ على حجيّة ما ذكره القوم.
قلت: الظاهر أنّ المراد من عدم نقض اليقين بالشكّ، أنّه عند التعارض لا ينقض به، و المراد بالتعارض [2] أن يكون شيء يوجب اليقين لو لا الشكّ [3].
أقول: يتوجّه عليه أنّ الاستصحاب عند القوم ليس منحصرا في الحكم الآني و لا الزماني، و كون الممكن لا يحتاج في بقائه إلى المؤثّر لا يقتضي كون الدعوى و محل النزاع خصوص الآني، بل قد أشرنا إلى أنّا لم نجد في كتبهم الاستدلالية الفقهية حكما آنيّا يكون ثمرة نزاعهم و لا إشارة إليه؛ بل الذي وجدنا كونه محلّ نزاعهم هو ما إذا تغيّر علة الحكم، أو حال من أحوال موضوعه، فحصل الشكّ بالبقاء بسبب خصوص التغيّر، و أنّه لو لا التغيّر لكان البقاء باقيا على حاله فتتبّع تجد. و المراد من الآني أنّه وجد الحكم في آن وجوده من دون