و الاجماع غير متحقق فيما نحن فيه جزما، على أنّ أرباب فنّ الأصول متّفقون على أنّ القائلين بالقياس و المنكرين له، متّفقون على عدم المنع من العمل بالمفهوم الموافق [1].
و أمّا الثاني و الثالث [2] فبملاحظة ما دلّ على حجّية المفاهيم، و ما يتبادر لم يتحقق منهما ضرر و منع.
و أمّا الأخبار الواردة في المنع عن [3] العمل بالقياس، فلا تأمّل في أنّها دالّة على المنع عن [4] العمل به مطلقا، إلّا أنّه لا بدّ من معرفة مرادهم (عليهم السّلام) من لفظ «القياس» في تلك الأخبار حتّى يحكم عليه بالمنع من العمل به.
فنقول: غير خفيّ على من تتبّع تلك الأخبار و تأمّل فيها، أنّ مرادهم من «القياس» هو الأمر الّذي أحدثه القائل [5] بحجيّته، يعني إلحاق فرع بأصل جامع على سبيل النظر و الاجتهاد، لا ما كان مفهوما من كلام الشارع، بحيث يفهمه و يعرفه أهل العرف و كلّ من يعرف اللغة، و لم يكن من المحدثات، و لم يحتج كسائر المفاهيم إلى النظر و الاجتهاد و الاستنباط، فيكثر فيه القيل و القال، و النزاع و الجدال، و تضطرب فيه الآراء، و تتشتت لديه الأهواء.
و ممّا يشير إلى ما ذكرنا؛ المطاعن الواردة فيها على أبي حنيفة [6] و اضرابه
[1] انظر الذريعة للسيد المرتضى: 398، عدّة الاصول: 370.
[2] المراد منهما: عدم ثبوت الحكم الشرعي بمجرد الظن، و أدلة المنع عن العمل بالظن.