صحّ لم يدلّ على أنّه كان على معتقده، و يجوز أن يكون إنّما رواه ليعلم أنّه لم يشذّ عنه شيء من الروايات، و نحن لم نعتمد على مجرد نقلهم، بل اعتمادنا على عملهم و ارتفاع النزاع فيما بينهم.
ثمّ اعترض بأنّه: كيف تعوّلون عليها و أكثر رواتها المجبّرة و المشبّهة، و الواقفيّة و الفطحيّة؟ فمن ذلك جوابان:
أحدهما؛ أنّ ما يرويه هؤلاء يعمل به إذا كانوا ثقاتا.
و ثانيهما؛ أنّ ما يختصّون بروايته لا يعمل به إنّما يعمل به إذا انضاف [1] إليه رواية من هو على الطريقة المستقيمة.
- ثم قال:- و أمّا ما رواه الغلاة و من هو مطعون عليه في روايته، و متّهم في وضع الحديث، فلا يعمل بما ينفرد به، و إذا أضاف [2] إليه رواية بعض الثقات جاز، و أمّا المجبّرة و المشبّهة فإنّا لا نعلم أنّهم فاسدو المذهب، و ليس روايتهم لأخبارهما دليلا على اعتقادهم بصحّتها، و الرواية لهما غير الاعتقاد بهما، و بيّنا الوجه، و لو سلّم كان الكلام على روايتهم كالكلام على رواية الفرق المتقدّم ذكرها
ثم قال: فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون الّذين أشرتم إليهم لم يعملوا بهذه الأخبار بمجرّدها، بل إنّما عملوا بها لقرائن دلّت على صحّتها.
فأجاب: بأن القرائن الخارجة الدالّة على صحّتها أشياء مخصوصة نذكرها فيما بعد، من الكتاب و السنة و الإجماع و التواتر، و نحن نعلم أنّ ليس في جميع المسائل التي استعملوا فيها أخبار الآحاد ذلك.
- ثم قال- و من قال عند ذلك متى عدمت شيئا من القرائن حكمت بمقتضى العقل، يلزمه أن يترك كثيرا من الأخبار [3] و أكثر الأحكام، و لا يحكم فيها بشيء