قيل: من أشرت إليهم من المنكرين لخبر الواحد [1] إنّما كلّموا من خالفهم في الاعتقاد، و دفعوهم عن وجوب العمل بما يرويه [2] من الأخبار المتضمّنة للأحكام التي يروون خلافها، و لم نجدهم [اختلفوا فيما بينهم و] أنكر بعضهم على بعض العمل بما يروونه إلّا مسائل دلّ الدليل الموجب للعلم على صحّتها، فإذا خالفوهم فيها انكروا عليهم؛ لمكان الأدلّة الموجبة للعلم و الأخبار المتواترة بخلافه.
فأمّا من أحال ذلك عقلا، فقد دلّلنا فيما مضى على بطلان قوله- إلى أن قال- على أنّ الذي اشير إليهم في السؤال أقوالهم متميّزة بين أقوال الطائفة المحقّة، و كل قول علم قائله و عرف نسبه لم يعتدّ به؛ لأن قول الطائفة إنّما كان حجّة من حيث كان فيها معصوم (عليه السّلام) ...- إلى أن قال-:
فإن قيل: إذا كان العقل يجوّز العمل بخبر الواحد و الشرع قد ورد به، فما الذي حملكم على الفرق بين ما يرويه الطائفة المحقّة و بين ما يرويه العامّة؟
قيل: العمل بخبر الواحد إذا كان دليلا شرعيّا ينبغي أن نستعمله بحيث قرّرته الشريعة، و الشرع يرى العمل بما يرويه الطائفة المخصوصة [3] .. إلى أن قال:
على أنّ من شرط العمل به أن يكون راويه عدلا بلا خلاف.
ثمّ اعترض على نفسه: بأنّ العمل به ربّما يؤدّي إلى كون الحقّ في جهتين و هو خلاف رأيكم- ثم أجاب عنه، ثم اعترض- بأنّه كيف تعملون بهذه الأخبار مع أنّ رواتها رووا [4] الجبر و التشبيه و غير ذلك أيضا، فكيف تعتمدون على روايتهم؟- ثم أجاب-: بأنّه ليس كلّ الثقات نقل حديث الجبر [5] و غيره، و لو