حديثه، سكتوا و سلّموا الأمر في ذلك و قبلوا قوله، و هذه عادتهم و سجيّتهم من عهد النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و من بعده من الأئمة (عليهم السّلام) إلى [1] زمان الصادق (عليه السّلام) الذي انتشر عنه العلم فكثرت الرواية من جهته.
فلولا أنّ العمل بهذه الأخبار كان [2] جائزا لما أجمعوا على ذلك و لا نكّروه؛ لأنّ إجماعهم لا يكون إلّا عن معصوم (عليه السّلام) [3]، و الذي يكشف عن ذلك أنّه لمّا كان [العمل ب] القياس محظورا لم يعملوا به أصلا .. إلى أن قال: فلو كان العمل بخبر الواحد يجري هذا المجرى لوجب فيه أيضا مثل ذلك [و قد علمنا خلافه].
فإن قيل: كيف تدّعون إجماع الشيعة في العمل بخبر الواحد [4]؟ و المعلوم من حالها أنها لا ترى العمل بالخبر الواحد كما أنّها لا ترى العمل بالقياس [فان جاز ادّعاء احدهما جاز ادعاء الآخر].
قيل: المعلوم من حالهم أنّهم لا يرون العمل بخبر الواحد الذي يرويه مخالفوهم في الاعتقاد، و أمّا ما يكون راويه منهم و طريقه أصحابهم، فقد بيّنا أنّ المعلوم خلاف ذلك.
فان قيل: أ ليس شيوخكم لا يزالون يناظرون خصومهم في أنّ خبر الواحد لا يعمل به؟ و يدفعونهم عن صحّة ذلك حتى أنّ منهم من [يقول:] لا يجوز ذلك عقلا، و منهم من [يقول:] لا يجوز سمعا؛ لأنّ السمع لم يرد به، و ما رأينا أحدا منهم تكلّم في جواز ذلك.