الطائفة إجماع على صحّة أحد الخبرين، و لا على إبطال الخبر الآخر، فكأنّه إجماع على صحّة الخبرين، و إذا كان الإجماع على صحّتهما كان العمل بهما سائغا جائزا) [1] انتهى.
و تأمّل فيما ذكره قبل هذا الكلام حتّى يتّضح لك ما ذكرناه غاية الوضوح، و أيضا الظاهر أنّه يحكم بالصحّة بمجرد القرائن الظنيّة فتأمّل [2]؛ مع أنّ حكمه بصحّة ما عمل به لا يقتضي حكمه [3] بصحّة أحاديث كتابيه، بل الظاهر منه خلافه، مع أنّه كثيرا ما يطعن على أحاديثهما بالضعف و أنّها ليست بصحيحة.
و ربّما وجّه بعض الأخباريين بأنّه: (لا منافاة؛ فإنّ الشيخ (رحمه اللّه) عارضها بأحاديث أقوى منها؛ لأنّ رواتها أكثر و أعدل، فضعفها بالنسبة إلى المعارض الأقوى، و ذلك لا ينافي الصحّة بمعنى اتّصالها بالمعصوم (عليه السّلام)، بل ينافي العمل بها؛ لخروجها مخرج التقيّة، أو غير ذلك [4]). انتهى.
أقول: هذا التوجيه لا يخفى ركاكته؛ إذ مع بعده في نفسه يقتضي أن يكون للقدماء اصطلاحان [5] في الصحّة و الضعف، و لعلّ بالتتبع في كلامهم يظهر فساده، و مع ذلك كثير من المواضع يأبى عن التوجيه:
منها: ما ذكره في «التهذيب» في باب زكاة الحنطة و الشعير من قوله:
(فإنّ هذين الخبرين الأصل فيهما سماعة، و تختلف [6] روايته؛ لأنّ الرواية