على أنّه سنذكر أنّ الصدوق (رحمه اللّه) كغيره من القدماء يظهر منه بناؤه على الظنّ في العمل بأحاديث الأصول التي روى عنها في «الفقيه»، و أنّه كثيرا ما يضعّف أحاديث الأصول و يطرحها لذلك، و أنّ من جملة ما استخرج منه أحاديث «الفقيه» «نوادر» محمّد بن أحمد بن يحيى، و «محاسن البرقي» و أمثالهما، و أنّه و غيره أيضا ما كانوا يعملون بالحديث الذي في تلك الكتب بمجرّد وجوده فيها، و أنّ قوله من الاصول و المصنّفات التي عليها المعوّل و إليها المرجع ليس على ما يقتضيه ظاهرة إلى غير ذلك، فتأمّل.
و بالجملة؛ مجال البحث واسع، و لعلّك بملاحظة ما ذكرنا تقدر على درك ما لم نذكره، فتدبّر.
[ردّ قرائن الاسترابادي في قطعيّة صدور الأحاديث]
و الجواب عن الثانية- أعني قولك: (و منها تعاضد بعضها ببعض)-: إنّ رجال الأحاديث المتعاضدة إن كانوا مختلفين في جميع الطبقات، و استحال تواطؤهم على الكذب فهذا هو المتواتر، و لا كلام في استغنائه عن الرجال، و إلّا فاحتمال اعتماد كلّ واحد من الرواة على الظنّ أو على ما لا يفيد القطع [2] أو غير ذلك هاهنا أيضا قائم [3].
و عن الثالثة: إنّ الثقة لا ينقل في كتابه إلّا ما يجوز العمل به؛ إمّا مطلقا أو
[1] من لا يحضره الفقيه: 1/ 7 الحديث 8، 14 الحديث 26، 55 الحديث 208، 2/ 19 الحديث 64، 4/ 25 الحديث 58.