و كلّ ذي عين من ذوات الأربع من السّباع و البهائم الوحشية و الأهلية، فإنما الأشفار لجفونها الأعالي إلاّ الإنسان، فإنّ الأشفار للأعالي و الأسافل.
و كلّ حيوان ذي صدر فإنّه ضيّق الصّدر، إلاّ الإنسان فإنّه واسع الصّدر و ليس لشيء من ذكورة جميع الحيوان و إناثها ثدي في صدره إلا الإنسان و الفيل [3] . و قال ابن مقبل [4] : [من البسيط]
و ليلة مثل ظهر الفيل غيّرها # طلس النّجوم إذا اغبرّ الدياميم [5]
2084-[ضخامة الفيل و ظرفه]
و الفيل أضخم الحيوان و هو مع ضخمه أملح و أظرف و أحكى و هو يفوق في ذلك كلّ خفيف الجسم، رشيق الطبيعة.
و إنّما الحكاية من جميع الحيوان في الكلب و القرد و الدّبّ و الشّاة المكّيّة.
و ليس عند الببغاء إلاّ حكاية صور الأصوات، فصار مع غلظه و ضخمه و فخامته أرشق مذهبا، و أدقّ ظرفا، و أظهر طربا. و هذا من أعجب العجب. و ما ظنّكم بعظم خلق ربّما كان في نابيه أكثر من ثلاثمائة منّ [6] .
2085-[قول المتعصبين على الفيل]
فقال من يعارضهم: قد أجمعوا على أنّ أعظم الحيوان خلقا السمكة و السرطان.
[4] ديوان ابن مقبل 270، و رواية عجز البيت فيه: (طمس الكواكب و البيد الدياميم)
[5] في ديوانه: «غيّرها: أي غير من لونها المظلم. طمس: جمع طامس، و كوكب طامس: أي ضعيف النور، يذهب ضوؤه و يجيء. الدياميم: جمع ديمومة، و هي الصحراء البعيدة الأرجاء يدوم السير فيها. و الصحارى تغير ظلام الليل الأسود بلونها الضارب إلى البياض» .