نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 4 صفحه : 488
باب في النّيران و أقسامها
<القول في النّيران و أقسامها>[1] و نحن ذاكرون جملا من القول في النّيران و أجناسها، و مواضعها، و أيّ شيء منها يضاف إلى العجم، و أيّ شيء منها يضاف إلى العرب، و نخبر عن نيران الدّيانات، و غير الدّيانات، و عمّن عظّمها و عمّن استهان بها، و عمّن أفرط في تعظيمها حتّى عبدها. و نخبر عن المواضع التي عظّم فيها من شأن النّار.
1240-[نار القربان]
[2] فمن مواضعها التي عظّمت بها أنّ اللّه عزّ و جلّ جعلها لبني إسرائيل في موضع امتحان إخلاصهم، و تعرّف صدق نياتهم، فكانوا يتقرّبون بالقربان. فمن كان منهم مخلصا نزلت نار من قبل السّماء حتّى تحيط به فتأكله، فإذا فعلت ذلك كان صاحب القربان مخلصا في تقرّبه. و متى لم يروها و بقي القربان على حاله، قضوا بأنّه كان مدخول القلب فاسد النّية. و لذلك قال اللّه تعالى في كتابه: اَلَّذِينَ قََالُوا إِنَّ اَللََّهَ عَهِدَ إِلَيْنََا أَلاََّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتََّى يَأْتِيَنََا بِقُرْبََانٍ تَأْكُلُهُ اَلنََّارُ قُلْ قَدْ جََاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنََاتِ وَ بِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ[3].
و الدّليل على أنّ ذلك قد كان معلوما، قول اللّه عزّ و جلّ: قَدْ جََاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنََاتِ وَ بِالَّذِي قُلْتُمْ ثمّ إنّ اللّه ستر على عباده، و جعل بيان ذلك في الآخرة. و كان ذلك التّدبير مصلحة ذلك الزّمان[4]، و وفق طبائهم و عللهم، و قد كان القوم من المعاندة و الغباوة على مقدار لم يكن لينجع فيهم و يكمل لمصلحتهم إلا ما كان في هذا الوزن، فهذا باب من عظم شأن النّار في صدور النّاس.
[1]انظر ثمار القلوب (819-841) ، الباب التاسع و الأربعين، في النيران.