responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 4  صفحه : 472

و البهيمة التي يرون أن يدفعوا عنها أيضا ممزوجة[1]، إلاّ أنّ شرّها أقلّ. فهم إذا استبقوها فقد استبقوا الشّرور المخالطة لها.

فإن زعموا أنّ ذلك إنّما جاز لهم؛ لأنّ الأغلب على طباعها النّور فليغتفروا في هذا الموضع إدخال الأذى على قليل ما فيها من أجزاء الشّرّ كما اغتفروا ما في إدخال الروح و السّرور على ما في البهيمة من أجزاء الظّلمة لدفعهم عن البهيمة؛ إذ كان أكثر أجزائها من النّور.

و إنّما ذكرت ما ذكرت؛ لأنّهم قالوا: الدّليل على أنّ الذي أنتم فيه، من أكل الحيوان كلّ يوم من الذبائح، مكروه عند اللّه، أنّكم لم تروا قطّ ذبّاحي الحيوان و لا قتّالي الإنسان، و لا الذين لا يقتاتون إلاّ اللّحمان يفلحون أبدا. و يستغنون؛ كنحو صيّادي السّمك و صيّادي الوحش و أصناف الجزّارين و القصّابين، و الشّوّائين و الطهّائين و الفهّادين و البيازرة[2]و الصّقّارين و الكلابين؛ لا ترى أحدا منهم صار إلى غنى و يسر، و لا تراه أبدا إلا فقيرا محارفا[3]، و على حال مشبهة بحاله الأولى.

و كذلك الجلادون، و من يضرب الأعناق بين يدي الملوك. و كذلك أصحاب الاستخراج و العذاب، و إن أصابوا الإصابات، و جميع أهل هذه الأصناف.

نعم؛ و حتّى ترى بعضهم و إن خرج نادرا خارجيّا، و نال منهم ثروة و جاها و سلطانا، فإمّا أن يقتل، و إمّا يغتصب نفسه بميتة عاجلة، عند سروره بالثّروة، أو يبعث اللّه عليه المحق‌[4]فلا ينمو له شي‌ء، و إما ألاّ يجعل من نسلهم عقبا مذكورا، و لا ذكرا نبيها و ذرّيّة طيبة، مثل الحجّاج بن يوسف، و أبي مسلم، و يزيد بن أبي مسلم و مثل أبي الوعد، و مثل رجال ذكروهم لا نحبّ أن نسميهم.

قال: فإنّ هؤلاء، مع كثرة الطّروقة[5]و ظهور القدرة، و مع كثرة الإنسال، قد قبح اللّه أمرهم، و أخمل أولادهم. فهم بين من لم يعقب، أو بين من هو في معنى من لم يعقب.


[1]ممزوجة: أي ممزوج فيها الخير بالشر.

[2]البيازرة: جمع بيزار، و هو القائم بأمر البازي.

[3]المحارف: المحروم.

[4]المحق: النقصان.

[5]الطروقة: الزوجة، و المرأة.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 4  صفحه : 472
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست