responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 4  صفحه : 471

يقول: «إنّي لست كأحدكم، إنّي أبيت عند ربّي، يطعمني و يسقيني» [1].

1229-[جدال في ذبح الحيوان و قتله‌]

و رجال ممّن ينتحل الإسلام، يظهرون التقذّر من الصّيد، و يرون أنّ ذلك من القسوة، و أنّ أصحاب الصّيد لتؤدّيهم الضّراوة التي اعترتهم من طروق الطّير في الأوكار، و نصب الحبائل للظّباء، التي تنقطع عن الخشفان‌[2]حتى تموت هزلا و جوعا، و إشلاء السّباع على بهائم الوحش و ستسلم أهلها إلى القسوة، و إلى التهاون بدماء النّاس.

و الرّحمة شكل واحد. و من لم يرحم الكلب لم يرحم الظّبي، و من لم يرحم الظّبي لم يرحم الجدي، و من لم يرحم العصفور لم يرحم الصّبيّ. و صغار الأمور تؤدّي إلى كبارها.

و ليس ينبغي لأحد أن يتهاون بشي‌ء ممّا يؤدي إلى القسوة يوما ما. و أكثر ما سمعت هذا الباب، من ناس من الصّوفيّة، و من النّصارى؛ لمضاهاة النّصارى سبيل الزّنادقة، في رفض الذبائح، و البغض لإراقة الدّماء، و الزّهد في أكل اللّحمان.

و قد-كان يرحمك اللّه-على الزّنديق ألاّ يأتي ذلك في سباع الطّير، و ذوات الأربع من السّباع. فأما قتل الحيّة و العقرب، فما كان ينبغي لهم البتّة أن يقفوا في قتلهما طرفة عين؛ لأنّ هذه الأمور لا تخلو من أن تكون شرّا صرفا، أو يكون ما فيها من الخير مغمورا بما فيها من الشرّ. و الشّرّ شيطان، و الظّلمة عدوّ النّور. فاستحياء الظلمة و أنت قادر على إماتتها، لا يكون من عمل النّور. بل قد ينبغي أن تكون رحمة النّور لجميع الخلائق و النّاس، إلى استنقاذهما من شرور الظّلمة.

و كما ينبغي أن يكون حسنا في العقل استحياء النّور و العمل في تخليصه و الدّفع عنه-فكذلك ينبغي أن يكون قتل الظّلمة و إماتتها، و العون على إهلاكها، و توهين أمرها-حسنا.


[1]أخرج البخاري في الصوم برقم 1860، و مسلم في الصيام برقم 1104 (عن أنس رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: لا تواصلوا. قالوا: إنك تواصل، قال: لست كأحد منكم، إني أطعم و أسقى، أو: إني أبيت أطعم و أسقى) و أعاده البخاري في التمني برقم 6814.

[2]الخشفان: جمع خشف، و هو ولد الظبية عند ما يتحرك للمشي.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 4  صفحه : 471
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست