و قوله[4]: [من الخفيف] آنست نبأة و أفزعها القنّاص عصرا و قد دنا الإمساء فليس ذلك أراد. و قد يراك الأخرس من النّاس-و الأخرس أصمّ-فيعرف ما تقول، بما يرى من صورة حركتك، كما يعرف معانيك من إشارتك، و يدعوك و يطلب إليك بصوت؛ و هو لم يسمع صوتك قط فيقصد إليه، و لكنه يريد تلك الحركة، و تلك الحركة تولد الصّوت، أراده هو أو لم يرده. و يضرب فيصيح، و هو لم يقصد إلى الصّياح، و لكنّه متى أدار لسانه في جوبة الفم بالهواء الذي فيه، و النّفس الذي يحضره جمّاع[5]الفم، حدث الصّوت. و هذا إنما غايته الحركة فيعرف صورة تلك الحركة.
و الأخرس يرى النّاس يصفّقون بأيديهم، عند دعاء إنسان، أو عند الغضب و الحدّ، فيعرف صورة تلك الحركة؛ لطول تردادها على عينيه، كما يعرف سائر الإشارات. و إذا تعجّب ضرب بيديه كما يضربون.
فالنّعامة تعرف صورة إشارة الرّئلان و إرادتها، فتعقل ذلك، و تجاوبها بما تعقل عنها من الإشارة و الحركة، و غدت لحركتها أصوات. و لو كانا يسمعان لم تزد حالهما في التّفاهم على ذلك.