نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 4 صفحه : 454
كأنّ الرحل منها فوق صعل # من الظلمان جؤجؤه هواء[1]
أصكّ مصلّم الأذنين، أجنى # له بالسّيّ تنوم و آء[2]
1206-[رد منكر صمم النعام]
قال القوم: فإنّا لا نقول ذلك، و لكنّ العرب في أمثالها تقول: إنّ النّعامة ذهبت تطلب قرنين فقطعوا أذنيها[3]. ليجعلوها مثلا في الموق و سوء التدبير. فإذا ذكر الشّاعر الظّليم، و ذكر أنّه مصلّم الأذنين، فإنما يريد هذا المعنى. فكثر ذلك حتى صار قولهم: مصلم الأذنين، مثل قولهم صكّاء. و سواء قال صكّاء، أو قال نعامة، كما أنّه سواء قال خنساء أو قال مهاة و نعجة و بقرة و ظبية؛ لأنّ الظّباء و البقر كلها فطس خنس و إذا سمّوا امرأة خنساء فليس الخنس و الفطس يريدون، بل كأنهم قالوا: مهاة و ظبية. و لذلك قال المسيّب بن علس[4]، في صفة النّاقة: [من الكامل]
صكّاء ذعلبة إذا استقبلتها # حرج إذا استدبرتها هلواع[5]
فتفهّم هذا البيت، فإنه قد أحسن فيه جدّا.
و الصّكك في الناس، و الاصطكاك في رجلي الناقة عيب. فهو لم يكن ليصفها بما فيه عيب، و لكنّه لا يفرق بين قوله صكّاء، و بين قوله نعامة، و كذلك لا يفرّقون بين قولهم أعلم، و بين قولهم: بعير. قال الراجز: [من الرجز]
إني لمن أنكر أو توسّما # أخو خناثير يقود الأعلما[6]
[1]في ديوانه «الصعل: الظليم الدقيق العنق، الصغير الرأس. جؤجؤه: صدره. هواء: لا مخّ فيه. و قال الأصمعي: جؤجؤه هواء: أراد لا عقل له» .
[2]في ديوانه «الصكك: اصطكاك العرقوبين، و يقال: إنما يكون ذلك إذا مشى. مصلم الأذنين: لا أذني له. أجنى: أي أدرك أن يجنى. السي: أرض. تنوم: الواحدة تنومة، شجيرة غبراء تنبت حبا دسما. آء: الواحدة: آءة، و هي ثمر السّرح» .