[و ليس في الأرض قشر و لا ورقة][2]، و لا ثوب، و لا جناح، و لا ستر عنكبوت، إلا و قشر الحيّة أحسن منه و أرقّ، و أخفّ و أنعم، و أعجب صنعة و تركيبا.
و لذلك وصف كثيّر قميص ملك، فشبّهه بسلخ الحيّة، حيث يقول[3]: [من الطويل]
إذا ما أفاد المال أودى بفضله # حقوق، فكره العاذلات يوافقه
يجرّر سربالا عليه كأنّه # سبء لهزلى لم تقطّع شرانقه[4]
و السّبيء: السّلخ و الجلد. قال الشاعر[5]: [من الطويل]
و قد نصل الأظفار و انسبأ الجلد
1090-[صمم النعام و الأفعى]
و تزعم العرب أنّ النّعام و الأفعى صمّ لا تسمع، و كذلك هما من بين جميع الخلق. و سنذكر من ذلك في هذا الموضع طرفا، و نؤخر الباقي إلى الموضع الذي نذكر فيه جملة القول في النّعام.
و قد ابتلينا بضربين من الناس، و دعواهما كبيرة، أحدهما يبلغ من حبه للغرائب أن يجعل سمعه هدفا لتوليد الكذابين، و قلبه قرارا لغرائب الزّور. و لكلفه بالغريب، و شغفه بالطّرف، لا يقف على التّصحيح و التمييز، فهو يدخل الغثّ في السمين، و الممكن في الممتنع، و يتعلّق بأدنى سبب ثمّ يدفع عنه كلّ الدّفع.
و الصّنف الآخر، و هو أنّ بعضهم يرى أنّ ذلك لا يكون منه عند من يسمعه يتكلم إلا من خاف التقزّز من الكذب.
فزعم ناس أنّ الدّليل على أنّ الأفاعي صمّ، قول الشاعر: [من الرجز]