نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 4 صفحه : 331
1056-[حديث سكر الشطرنجي]
و حدّثني بعض أصحابنا عن سكّر الشّطرنجيّ، و كان أحمق القاصّين، و أحذقهم بلعب الشّطرنج، و سألته عن خرق كان في خرمة[1]أنفه فقلت له: ما كان هذا الخرق؟فذكر أنّه خرج إلى جبّل[2]يتكسّب بالشّطرنج، فقدم البلدة و ليس معه إلاّ درهم واحد، و ليس يدري أ ينجح أم يخفق، و يجد صاحبه الذي اعتمده أم لا يجده؟ فورد على حوّاء[3]و بين يديه جون[4]عظام فيها حيات جليلة.
و الحيّة إذا عضّت لم تكن غايتها النّهش أو العضّ، و أن ترضى بالنّهش، و لكنّها لا تعضّ إلاّ للأكل و الابتلاع. و ربّما كانت الحيّات عظاما جدّا و لا سموم لها، و لا تعقر بالعضّ، كحيات الجولان.
و في البادية حيّة يقال لها الحفّاث، و الحفّاث من الحيّات تأكل الفأر و أشباه الفأر، و لها وعيد منكر، و نفخ و إظهار للصّولة، و ليس وراء ذلك شيء. و الجاهل ربّما مات من الفزع منها. و ربّما جمعت الحيّة السّمّ و شدّة الجرح، و العضّ و الابتلاع، و حطم العظم.
فوقف سكّر على الحوّاء و قد أخرج من جونته أعظم حيّات في الأرض، و ادّعى نفوذ الرّقية و جودة التّرياق، فقال له سكّر: خذ منّي هذا الدّرهم، و ارقني رقية لا تضرّني معها حيّة أبدا!قال: فإنّي أفعل. قال: فأرسل قبل ذلك حيّة، حتّى ترقيني بعد أن تعضّني، فإن أفقت علمت أنّ رقيتك صحيحة. قال: فإنّي أفعل، فاختر أيّتهنّ شئت. فأشار إلى واحدة ممّا تعضّ للأكل دون السّمّ، فقال: دع هذه، فإنّ هذه إن قبضت على لحمك لم تفارقك حتى تقطعك!قال: فإنّي لا أريد غيرها. و ظنّ أنّه إنّما زواها عنه لفضيلة فيها. قال: أمّا إذ أبيت إلاّ هذه فاختر موضعا من جسدك حتّى أرسلها عليه. فاختار أنفه، فناشده و خوّفه، فأبى إلاّ ذلك أو يردّ عليه درهمه. فأخذها الحوّاء و طواها على يده، كي لا يدعها تنكز[5]فتقطع أنفه من أصله. ثمّ أرسلها عليه. فلما أنشبت أحد نابيها في شقّ أنفه صرخ عليه صرخة جمعت عليه أهل تلك [1]الخرمة: موضع الخرم من الأنف. (القاموس: خرم) .
[2]جبّل: بلدة بين النعمانية و واسط في الجانب الشرقي. معجم البلدان 2/103.
[3]رجل حوّاء و حاو: يجمع الحيات. (اللسان: حوا) .
[4]جون: جمع جونة، و هي سليلة «تصغير سلة» مغشاة أدما تكون مع العطارين. (القاموس: جون) .
[5]نكزت الحية: لسعت بأنفها. (القاموس: نكز) .
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 4 صفحه : 331