نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 4 صفحه : 314
و في هذا الحديث من العجب أن تكون هذه الحيّة تهتدي لمثل هذه الحيلة.
و فيه جهل الطائر بفرق ما بين الحيوان و العود. و فيه قلة اكتراث الحيّة بالرّمل الذي عاد كالجمر، و صلح أن يكون ملّة[1]و موضعا للخبزة، ثمّ أن يشتمل ذلك الرّمل على ثلث الحيّة ساعات من النّهار، و الرمل على هذه الصفة. فهذه أعجوبة من أعاجيب ما في الحيّات.
و زعم لي[2]رجال من الصّقالبة، خصيان و فحول، أنّ الحيّة في بلادهم تأتي البقرة المحفّلة[3]فتنطوي على فخذيها و ركبتيها إلى عراقيبها، ثمّ تشخص صدرها نحو أخلاف ضرعها، حتى تلتقم الخلف؛ فلا تستطيع البقرة مع قوّتها أن تترمرم[4].
فلا تزال تمصّ اللبن، و كلما مصّت استرخت. فإذا كادت تتلف أرسلتها.
و زعموا أن تلك البقرة إمّا أن تموت، إمّا أن يصيبها في ضرعها فساد شديد تعسر مداواته.
و الحيّة تعجب باللبن. و إذا وجدت الأفاعي الإناء غير مخمّر كرعت فيه، و ربّما مجّت فيه ما صار في جوفها، فيصيب شارب ذلك اللبن أذى و مكروه كثير.
و يقال إنّ اللبن محتضر[5]. و قد ذهب ناس إلى العمّار، على قولهم إنّ الثوب المعصفر محتضر[5]. فظنّ كثير من العلماء أنّ المعنى في اللبن إنما رجع إلى الحيّات.
و الحيّة تعجب باللّفّاح[6]و البطّيخ، و بالحرف[7]، و الخردل المرخوف[8]؛ و تكره ريح السذاب[9]و الشّيح، كما تكره الوزغ ريح الزّعفران.
[3]المحفلة: الناقة أو البقرة أو الشاة لا يحلبها صاحبها أياما حتى يجتمع لبنها في ضرعها، فإذا احتلبها المشتري وجدها غزيرة فزاد في ثمنها، فإذا حلبها بعد ذلك، وجدها ناقصة اللبن عما حلبه أيام تحفيلها. (اللسان: حفل) .