نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 4 صفحه : 308
و في إطباق جميع الأمم على شهوة أكله و استطابة لحمه، دليل على أنّ له في ذلك ما ليس لغيره.
1007-[زعم المجوس في المنخنقة و الموقوذة و المتردية]
و المجوس تزعم أنّ المنخنقة و الموقوذة و المتردّية، و كلّ ما اعتبط[1]و لم يمت حتف أنفه، فهو أطيب لحما و أحلى؛ لأنّ دمه فيه، و الدم حلو دسم. و إنما عافه من عافه من طريق العادة و الدّيانة، لا من طريق الاستقذار و الزّهد الذي يكون في أصل الطبيعة.
1008-[اختلاف ميل الناس إلى الطعام]
و قد عاف قوم الجرّيّ و الضّباب[2]على مثل ذلك، و شغف به آخرون.
و قد كانت العرب في الجاهليّة تأكل دم الفصد، و تفضّل طعمه، و تخبر عمّا يورث من القوّة.
قال: و أيّ شيء أحسن من الدّم، و هل اللّحم إلا دم استحال كما يستحيل اللّحم شحما؟و لكنّ الناس إذا ذكروا معناه، و من أين يخرج و كيف يخرج، كان ذلك كاسرا لهم، و مانعا من شهوته.
1009-[ما يغير نظر الإنسان إلى الأشياء]
و كيف حال النّار في حسنها، فإنّه ليس في الأرض جسم لم يصبغ أحسن منه.
و لو لا معرفتهم بقتلها و إحراقها و إتلافها، و الألم و الحرقة المولدين عنها، لتضاعف ذلك الحسن عندهم. و إنّهم ليرونها في الشّتاء بغير العيون التي يرونها بها في الصّيف. ليس ذلك إلاّ بقدر ما حدث من الاستغناء عنها.
و كذلك جلاء السّيف؛ فإنّ الإنسان يستحسن قد السّيف و خرطه، و طبعه و بريقه. و إذا ذكر صنيعه و الذي هيئ له، بدا له في أكثر ذلك، و تبدّل في عينه، و شغله ذلك عن تأمّل محاسنه.
و لو لا علم النّاس بعداوة الحيّات لهم، و أنهها وحشيّة لا تأنس و لا تقبل أدبا، و لا [1]اعتبط: مات من غير علة. (القاموس: عبط) .
[2]الجرّي: ضرب من السمك. الضباب: جمع ضب.
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 4 صفحه : 308