نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 4 صفحه : 307
و قد يقول العاشق لمعشوقته: يا معذّبتي!و قد عذّبتني! و من العذاب ما يكون طويلا، و منه ما يكون قصير الوقت. و لو خسف اللّه تعالى بقوم في أقلّ من عشر ساعة لجاز لقائل أن يقول: كان ذلك يوم أحلّ اللّه عذابه و نقمته ببلاد كذا و كذا.
1006-[القول في الخنزير]
و قال أبو ناصرة: الخنزير ربّما قتل الأسد، و ما أكثر ما يلحق بصاحب السّيف و الرّمح، فيضربه بنابه، فيقطع كلّ ما لقيه من جسده: من عظم و عصب، حتى يقتله.
و ربّما احتال أن ينبطح على وجهه على الأرض، فلا يغني ذلك عنه شيئا.
و ليس لشيء من الحيوان كاحتمال بدنه لوقع السهام، و نفوذها فيه.
و هو مع ذلك أروغ من ثعلب، إذا أراده الفارس. و إذا عدا أطمع في نفسه كلّ شيء، و إذا طولب أعيا الخيل العتاق. و الخنزير مع ذلك أنسل الخلق؛ لأنّ الخنزيرة تضع عشرين خنّوصا، و هو مع كثرة إنساله-من أقوى الفحول على السّفاد، و مع القوّة على السّفاد هو أطولها مكثا في سفاده، فهو بذلك أجمع للفحولة.
و إذا كان الكلب و الذّئب موصوفين بشدّة القلب؛ لطول الخطم، فالخنزير أولى بذلك.
و للفيل ناب عجيب، و لكنّه لقصر عنقه لا يبلغ النّاب مبلغا، و إنّما يستعين بخرطومه، و خرطومه هو أنفه، و الخطم غير الخرطوم.
قال أبو ناصرة: و له طيب، و هو طيب لحمه و لحم أولاده. و إذا أرادوا وصف اختلاط ودك الكركيّ[1]في مرق طبيخ، قالوا كأنّ إهالته إهالة[2]خنزير؛ لأنّه لا يسرع إليها الجمود. و سرعة جمود إهالة الماعز في الشّتاء عيب. و للضّأن في ذلك بعض الفضيلة على الماعز؛ و لا يلحق بالخنزير.
و إذا نقص من الإنسان عظم و احتيج إلى صلته في بعض الأمراض لم يلتحم به إلاّ عظم الخنزير.
و إذا ضرب فصاح لم يكن السّامع يفصل بين صوته و بين صوت صبيّ مضروب.