responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 4  صفحه : 302

خرجت خارجية من نسق العادة. فالسّبب الذي به عرفنا أنّه قد كان لذلك الهدهد مقدار من المعرفة، دون ما توهّمتم و فوق ما مع الهدهد. و متى سألتمونا عن الحجّة فالسبيل واحدة. و نحن نقرّ بأنّ من دخل الجنة من المجانين و الأطفال يدخلون عقلاء كاملين، من غير تجارب و تمرين و ترتيب. فمسألتكم عما ألهم الهدهد، هي المسألة عمّا ألهم الطفل في الجنة.

فإن قال قائل: فإنّ ذلك القول كلّه، الذي كان من الهدهد، إنما كان على الإلهام و التّسخير، و لم يكن ذلك عن معرفة منه، فلم قال: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذََاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ [1]؟قلنا: فإنّه قد يتوعّد الرّجل ابنه-و هو بعد لم يجر عليه الأحكام- بالضّرب الوجيع، إن هو لم يأت السّوق، أو يحفظ سورة كذا و كذا؛ فلا يعنّفه أحد على ذلك الوعيد. و يكذب فيضربه على الكذب، و يضرب صبيا فيضربه لأنه ضربه.

و هو في ذلك قد حسن خطّه، و جاد حسابه، و شدا من النّحو و العروض و الفرائض شدوا حسنا، و نفع أهله، و تعلم أعمالا، و تكلّم بكلام، و أجاب في الفتيا بكلام فوق معاني الهدهد في اللّطافة و الغموض. و هو في ذلك لم يكمل لاحتمال الفرض و الولاية و العداوة.

فإن قال: فهل يجوز لأحد أن يقول لابنه: إن أنت لم تأت السّوق ذبحتك؛ و هو جادّ؟قلنا: لا يجوز ذلك. و إنّما جاز ذلك في الهدهد لأنّ سليمان-و من هو دون سليمان من جميع العالم-له أن يذبح الهدهد و الحمام و الدّيك، و العناق و الجدي.

و الذّبح سبيل من سبل مناياهم. فلو ذبحه سليمان لم يكن في ذلك إلاّ بقدر التّقديم و التأخير، و إلاّ بقدر صرف ما بين أن يموت حتف أنفه، أو يموت بالذّبح. و لعلّ صرف ما بينهما لا يكون إلاّ بمقدار ألم عشرين درّة[2]. و لعلّ نتف جناحه يفي بذلك الضرب. و إذا قلنا ذلك فقد أعطينا ذلك الهدهد بعينه حقّ ما دلّت عليه الآية، و لم نجز ذلك في جميع الهداهد، و لم نكن كمن ينكر قدرة اللّه على أن يركّب عصفورا من العصافير ضربا من التراكيب يكون أدهى من قيس بن زهير. و لو كان اللّه تعالى قد فعل ذلك بالعصافير لظهرت كذلك دلائل.

على أنّا لو تأوّلنا الذّبح على مثال تأويل قولنا في ذبح إبراهيم إسماعيل عليهما السلام-و إنما كان ذلك ذبحا في المعنى لغيره-أو على معنى قول القائل: أمّا أنا [1]21/النمل: 27.

[2]الدّرّة: درة السلطان التي يضرب بها. (اللسان: درر) .

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 4  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست