responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 4  صفحه : 301

و هذا القول الذي تؤمنون به في الهدهد، من هذا النوع.

قلنا: إنّ اللّه تعالى لم يقل: و تفقّد الطّير فقال ما لي لا أرى هدهدا من عرض الهداهد، فلم يوقع قوله على الهداهد جملة، و لا على واحد منها غير مقصود إليه، و لم يذهب إلى الجنس عامّة، و لكنّه قال: وَ تَفَقَّدَ اَلطَّيْرَ فَقََالَ مََا لِيَ لاََ أَرَى اَلْهُدْهُدَ [1]فأدخل في الاسم الألف و اللام، فجعله معرفة فدلّ بذلك القصد على أنّه ذلك الهدهد بعينه. و كذلك غراب نوح، و كذلك حمار عزير، و كذلك ذئب أهبان ابن أوس؛ فقد كان للّه فيه و فيها تدبير، و ليجعل ذلك آية لأنبيائه، و برهانا لرسله.

و لا يستطيع أعقل الناس أن يعمل عمل أجرإ النّاس، كما لا يستطيع أجرأ النّاس أن يعمل أعمال أعقل الناس. فبأعمال المجانين و العقلاء عرفنا مقدارهما من صحّة أذهانهما و فسادها، و باختلاف أعمال الأطفال و الكهول عرفنا مقدارهما في الضعف و القوّة، و في الجهل و المعرفة. و بمثل ذلك فصلنا بين الجماد و الحيوان، و العالم و أعلم منه، و الجاهل و أجهل منه. و لو كان عند السّباع و البهائم ما عند الحكماء و الأدباء، و الوزراء و الخلفاء و الأمم و الأنبياء، لأثمرت تلك العقول، باضطرار، إثمار تلك العقول. و هذا باب لا يخطئ فيه إلاّ المانيّة[2]و أصحاب الجهالات فقط. فأمّا عوامّ الأمم، فضلا عن خواصهم، فهم يعلمون من ذلك مثل ما نعلم. و إنما يتفاضل بالبيان و الحفظ، و بنسق المحفوظ. فأمّا المعرفة فنحن فيها سواء. و لم نعرف العقل و عدمه و نقصانه، و إفادته، و أقدار معارف الحيوان إلاّ بما يظهر منها. و بتلك الأدلّة عرفنا فرق ما بين الحيّ و الميت، و بين الجماد و الحيوان.

فإن قال الخصم: ما نعرف كلام الذّئب، و لا معرفة الغراب، و لا علم الهدهد.

قلنا: نحن ناس نؤمن بأنّ عيسى عليه السلام خلق من غير ذكر و إنّما خلق من أنثى؛ و أنّ آدم و حوّاء خلقا من غير ذكر و أنثى، و أنّ عيسى تكلّم في المهد، و أنّ يحيى بن زكريّا نطق بالحكمة في الصّبا، و أنّ عقيما ألقح، و أنّ عاقرا ولدت‌[3]؛ و بأشياء كثيرة [1]20/النمل: 27.

[2]المانية: و يقال: المنانية؛ و المنائية؛ و المانوية، هم الزنادقة أصحاب ماني بن فاتك الذي كان يقول:

إن مبدأ العالم من كونين أحدهما نور و الآخر ظلمة، و أنهما في صراع مستمر لا ينتهي إلا بانتهاء الدنيا. انظر فهرست ابن النديم 456 و ما يليها، و مروج الذهب 7/629.

[3]إشارة إلى قوله تعالى: قََالَ رَبِّ أَنََّى يَكُونُ لِي غُلاََمٌ وَ قَدْ بَلَغَنِيَ اَلْكِبَرُ وَ اِمْرَأَتِي عََاقِرٌ [آل عمران: 40]، و قوله تعالى: قََالَ رَبِّ أَنََّى يَكُونُ لِي غُلاََمٌ وَ كََانَتِ اِمْرَأَتِي عََاقِراً [مريم: 8]، و قوله تعالى: قََالَتْ يََا وَيْلَتى‌ََ أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ وَ هََذََا بَعْلِي شَيْخاً [هود: 72]. ـ

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 4  صفحه : 301
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست