نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 4 صفحه : 300
قال سليمان: سَنَنْظُرُ أَ صَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ اَلْكََاذِبِينَ[1]ثمّ قال: اِذْهَبْ بِكِتََابِي هََذََا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مََا ذََا يَرْجِعُونَ. `قََالَتْ يََا أَيُّهَا اَلْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتََابٌ كَرِيمٌ. `إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمََانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ. `أَلاََّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَ أْتُونِي مُسْلِمِينَ[2]فَلَمََّا جََاءَ سُلَيْمََانَ قََالَ أَ تُمِدُّونَنِ بِمََالٍ فَمََا آتََانِيَ اَللََّهُ خَيْرٌ مِمََّا آتََاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ[3]و ذلك أنّها قالت: إِنَّ اَلْمُلُوكَ إِذََا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهََا وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهََا أَذِلَّةً وَ كَذََلِكَ يَفْعَلُونَ `وَ إِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنََاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ اَلْمُرْسَلُونَ[4]ثمّ قال سليمان للهدهد: اِرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لاََ قِبَلَ لَهُمْ بِهََا وَ لَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهََا أَذِلَّةً وَ هُمْ صََاغِرُونَ[5]و قال: يََا أَيُّهَا اَلْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهََا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ. `قََالَ عِفْرِيتٌ مِنَ اَلْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقََامِكَ وَ إِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ. `قََالَ اَلَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ اَلْكِتََابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمََّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قََالَ هََذََا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّمََا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ[6]فطعن في جميع ذلك طاعنون، فقال بعضهم: قد ثبت أنّ الهدهد يحتمل العقاب و العتاب، و التّكليف و الثّواب، و الولاية، و دخول الجنّة بالطّاعة، و دخول النّار بالمعصية؛ لأنّ المعرفة توجب الأمر و النهي، و الأمر و النهي يوجبان الطاعة و المعصية، و الطاعة و المعصية يوجبان الولاية و العداوة، فينبغي للهداهد أن يكون فيها العدوّ و الوليّ، و الكافر و المسلم، و الزّنديق و الدّهريّ.
و إذا كان حكم الجنس حكما واحدا لزم الجميع ذلك. و إن كان الهدهد لا يبلغ عند جميع الناس في المعرفة مبلغ الذرّة، و النملة، و القملة، و الفيل، و القرد، و الخنزير، و الحمام-و جميع هذه الأمم، تقدّمها عليه في المعرفة-فينبغي أن تكون هذه الأصناف المتقدّمة عليه، في عقول هذه الأمّة و الأنبياء.
و قد رأينا العلماء يتعجّبون من خرافات العرب و الأعراب في الجاهليّة و من قولهم في الدّيك و الغراب، و يتعجّبون من الرّواية في طوق الحمام فإنّ الحمام كان رائد نوح على نبينا و عليه السلام.