نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 78
صاحبه، انصدع البيض عن الفرخ، فخرج عاري الجلد، صغير الجناح، قليل الحيلة، منسدّ الحلقوم. فيعينانه على خلاصه من قيضه[1]و ترويحه من ضيق هوّته[2].
639-[عناية الحمام بالفراخ]
و هما يعلمان أن الفرخين لا تتّسع حلوقهما و حواصلهما للغذاء، فلا يكون لهما عند ذلك همّ إلاّ أن ينفخا في حلوقهما الريح، لتتسع الحوصلة بعد التحامها، و تنفتق بعد ارتتاقها، ثم يعلمان أنّ الفرخ و إن اتّسعت حوصلته شيئا، أنّه لا يحتمل في أول اغتذائه أن يزقّ بالطّعم، فيزقّ عند ذلك باللّعاب المختلط بقواهما و قوى الطعم-و هم يسمّون ذلك اللّعاب اللّباء-ثم يعلمان أنّ طبع حوصلته يرق عن استمراء الغذاء و هضم الطّعم، و أنّ الحوصلة تحتاج إلى دبغ و تقوية، و تحتاج إلى أن يكون لها بعض المتانة و الصلابة، فيأكلن من شورج أصول الحيطان، و هو شيء بين الملح الخالص و بين التّراب الملح، فيزقّان الفرخ حتّى إذا علما أنّه قد اندبغ و اشتدّ زقّاه بالحبّ الذي قد غبّ في حواصلهما ثم زقّاه بعد ذلك بالحبّ الذي هو أقوى و أطرى[3]. فلا يزلان يزقّانه بالحبّ و الماء على مقدار قوّته و مبلغ طاقته، و هو يطلب ذلك منهما، و يبضّ[4]نحوهما؛ حتى إذا علما أنّه قد أطاق اللقط منعاه بعض المنع، ليحتاج إلى اللقط فيتعوّده، حتى إذا علما أن أداته قد تمّت، و أن أسبابه قد اجتمعت و أنّهما إن فطماه فطما مقطوعا مجذوذا قوي على اللّقط، و بلغ لنفسه منتهى حاجته -ضرباه إذا سألهما الكفاية، و نفياه متى رجع إليهما ثمّ تنزع عنهما تلك الرحمة العجيبة منهما له، و ينسيان ذلك العطف المتمكّن عليه، و يذهلان عن تلك الأثرة له، و الكدّ المضني من الغدوّ عليه، و الرّواح إليه، ثم يبتديان العمل ابتداء ثانيا، على ذلك النظام و على تلك المقدّمات.
فسبحان من عرّفهما و ألهمهما، و هداهما، و جعلهما دلالة لمن استدلّ، و مخبرا صادقا لمن استخبر، ذلكم اللّه رب العالمين.
640-[حالات الطّعم الذي يصير في أجواف الحيوان]
و ما أعجب حالات الطّعم الذي يصير في أجواف الحيوان، و كيف تتصرّف به [1]القيض: القشرة العليا اليابسة على البيضة «القاموس: قيض» .
[2]الهوّة: الكوة، و هي الخرق في الحائط، و الثقب في البيت «القاموس: الهوة، الكوة» .
[3]عيون الأخبار 2/91.
[4]البضّ: أن يسأل عن الحاجة فيتمطق بشفتيه «القاموس: بض» .
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 78