نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 77
و إنّه ليرى الحمام و هو يشرب الماء!و هو ريّان فيشتهي أن يكرع في ذلك الماء معه.
637-[صدق رغبة الحمام في النّسل]
[1] و الدّيك و الكلب في طلب السّفاد و في طلب الذّرء كما قال أبو الأخزر الحمّانيّ: [من السريع]
لا مبتغي الضّنء و لا بالعازل
و الحمام أكثر معانيه الذّرء و طلب الولد. فإذا علم الذّكر أنّه قد أودع رحم الأنثى ما يكون منه الولد تقدّما في إعداد العشّ، و نقل القصب و شقق الخوص، و أشباه ذلك من العيدان الخوّارة الدّقاق حتى يعملا أفحوصة و ينسجاها نسجا مداخلا، و في الموضع الذي قد رضياه اتخذاه و اصطنعاه، بقدر جثمان الحمامة، ثمّ أشخصا لتلك الأفحوصة حروفا غير مرتفعة؛ لتحفظ البيض و تمنعه من التّدحرج، و لتلزم كنفي الجؤجؤ و لتكون رفدا لصاحب الحضن، و سدا للبيض، ثمّ يتعاوران ذلك المكان و يتعاقبان ذلك القرموص و تلك الأفحوصة، يسخّنانها و يدفّيانها و يطيّبانها، و ينفيان عنها طباعها الأوّل، و يحدثان لها طبيعة أخرى مشتقّة من طبائعهما، و مستخرجة من رائحة أبدانهما و قواهما الفاصلة منهما؛ لكي تقع البيضة إذا وقعت، في موضع أشبه المواضع طباعا بأرحام الحمام، مع الحضانة و الوثارة؛ لكي لا تنكسر البيضة بيبس الموضع، و لئلا ينكر طباعها طباع المكان، و ليكون على مقدار من البرد و السّخانة و الرّخاوة و الصّلابة. ثمّ إن ضربها المخاض و طرّقت[2] ببيضتها، بدرت إلى الموضع الذي قد أعدّته، و تحاملت إلى المكان الذي اتّخذته و صنعته، إلاّ أن يقرّعها رعد قاصف، أو ريح عاصف فإنّها ربّما رمت بها دون كنّها و ظل عشها، و بغير موضعها الذي اختارته. و الرّعد ربما مرق[3]عنده البيض و فسد، كالمرأة التي تسقط من الفزع، و يموت جنينها من الرّوع.
638-[عناية الحمام بالبيض]
و إذا وضعت البيض في ذلك المكان فلا يزالان يتعاقبان الحضن و يتعاورانه، حتّى إذا بلغ ذلك البيض مداه و انتهت أيّامه، و تمّ ميقاته الذي وظّفه خالقه، و دبّره [1]نهاية الأرب 10/271.