نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 79
الحالات، و تختلف في أجناسه الوجوه: فمنها ما يكون مثل زق الحمام لفرخه، و الزقّ في معنى القيء أو في معنى التقيؤ و ليس بهما؛ و جرّة البعير و الشاة و البقرة في معنى ذلك، و ليس به. و البعير يريد أن يعود في خضمه[1]الأوّل و استقصاء طعمه. و ربّما كانت الجرّة رجيعا. و الرّجيع: أن يعود على ما قد أعاد عليه مرّة حتّى ينزعه من جوفه، و يقلبه عن جهته.
641-[زقّ الحمام]
و الحمام يخرجه من حوصلته و من مستكنّه و قراره، و موضع حاجته و استمرائه، بالأثرة و البرّ، إلى حوصلة ولده. قد ملك ذلك و طابت به نفسه و لم تغنث عليه نفسه و لم يتقذّر من صنيعه، و لم تخبث نفسه، و لم تتغيّر شهوته. و لعلّ لذّته في إخراجه أن تكون كلذّته في إدخاله، و إنما اللذة في مثل هذا بالمجاري، كنحو ما يعتري مجرى النّطفة من استلذاذ مرور النّطفة، فهذا شأن قلب الحمام ما في جوفه، و إخراجه بعد إدخاله. و التمساح يخرجه على أنّه رجعه و نجوه الذي لا مخرج له و لا فرج له في سواه.
642-[طبيعة الإنسان و الحيوان في الطعام]
و قد يعتري ذلك الإنسان لما يعرض من الدّاء، فلا يعرف إلاّ الأكل و القيء، و لا يعرف النّجو إلاّ في الحين على بعض الشّدّة. و ليس ما عرض بسبب آفة كالذي يخرج على أصل تركيب الطبيعة.
و السّنّور و الكلب على خلاف ذلك كلّه، لأنهما يخرجانه بعارض يعرض لهما من خبث النّفس، و من الفساد، و من التّثوير و الانقباض ثمّ يعودان بعد ذلك فيه من ساعتهما، مشتهيين له، حريصين عليه.
و الإنسان إذا ذرعه ذلك لم يكن شيء أبغض إليه منه، و ربّما استقاء و تكلّف ذلك لبعض الأمر. و ليس التكلف في هذا الباب إلاّ له.
و ذوات الكروش كلها تقعص بجرّتها، فإذا أجادت مضغه أعادته، و الجرّة هي الفرث، و أشدّ من ذلك أن تكون رجيعا، فهي تجيد مضغها و إعادتها إلى مكانها، إلاّ أنّ ذلك ممّا لا يجوز أفواهها. و ليس عند الحافر من ذلك قليل و لا كثير، بوجه من الوجوه.