و قيل لجرير: إلى كم تهجو النّاس؟قال[1] «إنّي لا أبتدي، و لكنّي أعتدي» .
و قيل له: لم لا تقصّر؟قال: «إن الجماح يمنع الأذى» .
598-[شعر مختار]
قال عبيد بن الأبرص[2]: [من الكامل]
نبّئت أنّ بني جديلة أوعبوا # نفراء من سلمى لنا و تكتبوا[3]
و لقد جرى لهم فلم يتعيّفوا # تيس قعيد كالهراوة أعضب[4]
و أبو الفراخ على خشاش هشيمة # متنكّب إبط الشّمائل ينعب[5]
فتجاوزوا ذاكم إلينا كلّه # عدوا و قرطبة فلما قرّبوا[6]
طعنوا بمرّان الوشيج فما ترى # خلف الأسنة غير عرق يشخب[7]
و تبدّلوا اليعبوب بعد إلههم # صنما ففرّوا يا جديل و أعذبوا[8]
و قال آخر: [من الطويل]
أ لم تر حسّان بن ميسرة الذي # بجوخى إلى جيرانه كيف يصنع
متاريب ما تنفكّ منهم عصابة # إليه سراعا يحصدون و يزرع[9]
- الأرب 3/27، و زهر الآداب 694 (طبعة مبارك) ، و هو من الأمثال في المستقصى 2/62، و مجمع الأمثال 1/196، و الأمثال لمجهول 57.
[1]البيان و التبيين 3/165.
[2]ديوان عبيد بن الأبرص 2-3 و شرح الأبيات التالية في ديوانه.
[3]أوعبوا: نفروا جميعا و لم يتخلف منهم أحد. تكتبوا: صاروا كتائب. بنو جديلة: حي من طيء.
سلمي: أحد جبلي طيء.
[4]تعيفوا من العيافة، و هي هنا التشاؤم. التيس: الذكر من الظباء. القعيد: الذي يأتي من الخلف، و هو يتشاءم به. الأعضب: المكسور أحد القرنين.
[5]أبو الفراخ: الغراب. الخشاش: كل ما لا عظم له من الدواب. الهشيمة: الشجرة اليابسة. متنكب:
مجتنب.
[6]ذاكم: عنى به التعيف و الزجر. القرطبة: العدو الشديد.
[7]المران: الرماح الصلبة اللدنة، جمع مرانة. الوشيج: شجر الرماح. يشخب: يسيل دمه.
[8]اليعبوب: صنم لجديلة. و في الديوان (فقرّوا) مكان (ففروا) .
[9]متاريب: جمع مترب، و هي كلمة من الأضداد تعني الذي قلّ ماله و الذي كثر ماله. انظر القاموس «ترب» ، و الأضداد 380.