و ليس بهيّاب إذا شدّ رحله # يقول عداني اليوم واق و حاتم
و لكنّه يمضي على ذاك مقدما # إذا صدّ عن تلك الهنات الخثارم
و الخثارم: هو المتطيّر من الرّجال. و أما قوله: «واق و حاتم» فحاتم هو الغراب، و الواقي هو الصّرد، كأنّه يرى أنّ الزّجر بالغراب إذا اشتقّ من اسمه الغربة، و الاغتراب، و الغريب، فإنّ ذلك حتم. و يشتق من الصّرد التصريد، و الصّرد و هو البرد. و يدلك على ذلك قوله[2]: [من الطويل]
دعا صرد يوما على غصن شوحط # و صاح بذات البين منها غرابها[3]
فقلت: أ تصريد و شحط و غربة # فهذا لعمري نأيها و اغترابها
فاشتقّ التّصريد من الصّرد، و الغربة من الغراب، و الشّحط من الشّوحط.
و يقال أغرب الرّجل: إذا اشتدّ مرضه، فهو مغرب.
قال: و العنقاء المغرب، العقاب، لأنها تجيء من مكان بعيد.
857-[أصل التطير في اللغة]
قال: و أصل التطيّر إنما كان من الطّير و من جهة الطير، إذا مرّ بارحا[4]أو سانحا[5]، أو رآه يتفلى و ينتتف، حتى صاروا إذا عاينوا الأعور من النّاس أو البهائم، أو الأعضب أو الأبتر، زجروا عند ذلك و تطيّروا عندها، كما تطيّروا من الطير إذا رأوها على تلك الحال. فكان زجر الطّير هو الأصل، و منه اشتقوا التطيّر، ثمّ استعملوا ذلك في كلّ شيء.
[1]البيتان للرقاص الكلبي أو لخثيم بن عدي في اللسان و التاج (حتم، خثرم، وقي) ، و لخثيم بن عدي في التهذيب 7/690، و بلا نسبة في المخصص 8/152، 13/25، و العين 5/239.