نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 214
240-[مذاهب العرب في تسمية أولادهم]
قال [1] : و العرب إنّما كانت تسمّي بكلب، و حمار، و حجر، و جعل، و حنظلة، و قرد، على التفاؤل بذلك. و كان الرجل إذا ولد له ذكر خرج يتعرّض لزجر الطير و الفأل، فإن سمع إنسانا يقول حجرا، أو رأى حجرا سمّى ابنه به و تفاءل فيه الشدّة و الصلابة، و البقاء و الصبر، و أنّه يحطم ما لقى. و كذلك إن سمع إنسانا يقول ذئبا أو رأى ذئبا، تأوّل فيه الفطنة و الخبّ و المكر و الكسب. و إن كان حمارا تأوّل فيه طول العمر و الوقاحة و القوّة و الجلد. و إن كان كلبا تأوّل فيه الحراسة و اليقظة و بعد الصوت، و الكسب و غير ذلك.
و لذلك صوّر عبيد اللّه بن زياد في دهليزه كلبا و أسدا، و قال: كلب نابح، و كبش ناطح، و أسد كالح. فتطيّر إلى ذلك فطارت عليه.
و قال آخر: لو كان الرجل منهم إنّما كان يسمّي ابنه بحجر و جبل، و كلب، و حمار، و ثور، و خنزير، و جعل، على هذا المعنى فهلاّ سمّى ببرذون، و بغل، و عقاب، و أشباه ذلك؛ و هذه الأسماء من لغتهم.
قال الأوّل: إنّما لم يكن ذلك، لأنّه لا يكاد يرى بغلا و برذونا، و لعلّه لا يكون رآهما قط، و إن كانت الأسماء عندهم عتيدة لأمور لعلّهم يحتاجون إليها يوما ما.
قالوا: فقد كان يسمع بفرس و بعير، كما كان يسمع بحمار و ثور، و قد كان يستقيم أن يشتقّ منهما اشتقاقات محمودة. بل كيف صار ذلك كذلك و نحن نجده يسمّي بنجم و لا يسمّي بكوكب!إلاّ أنّ بعضهم قد سمّى بذلك عبدا له، و فيه يقول:
[من مخلع البسيط]
كوكب إن متّ فهي ميتتي # لا متّ إلاّ هرما يا كوكب
و وجدناهم يسمون بجبل و سند، و طود، و لا يسمّون بأحد و لا بثبير و أجأ و سلمى و رضوى، و صندد و حميم، و هو تلقاء عيونهم متى أطلعوا رءوسهم من خيامهم. و يمسون ببرج و لا يسمون بفلك، و يسمون بقمر و شمس على جهة اللقب أو على جهة المديح، و لم يسمّوا بأرض و سماء، و هواء و ماء، إلاّ على ما وصفنا.
و هذه الأصول في الزجر أبلغ، كما أنّ جبلا أبلغ من حجر، و طودا أجمع من صخر.