و الدّار قطني، و مسلم، و كثيرون غير هؤلاء من جمهور السّنّة. و قال الشّيخ أبو زهرة: «أنّ العلوم الّتي أخذها عليّ عن النّبيّ أودعها ذرّيّته، و هم أذاعوها على النّاس حين اتيحت لهم الفرصة. و هذا عين ما تقوله الإماميّة في علوم أهل البيت دون زيادة، و قد كرّروه و أكدوه في كتب العقائد و الحديث، و الفقه و التّفسير، و نظمه أحد شعرائهم [1]:
إذا شئت أن تبغي لنفسك مذهبا* * * ينجيك يوم البعث من لهب النّار
فدع عنك قول الشّافعي و مالك* * * و أحمد و المروي عن كعب أحبار
و وال أناسا نقلهم و حديثهم* * * روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري
و بهذا يتبيّن معنا أنّ قول الشّيخ: «أنّ الإماميّة يقولون: أنّ علم الإمام جعفر إلهامي و ليس بكسبي» [2]، من سهو القلم، و نسبة بلا مصدر، و إذا كان الإماميّة لا ينسبون علم النّبيّ إلى الإلهام بل إلى جبريل عن اللّه جلّ شأنه؛ فكيف ينسبون علم أبنائه إلى الإلهام؟ و هناك ملاحظات أخرى على الكتاب:
«منها»: «أنّ المؤلّف لا يستطيع أن يقبل روايات الكليني صاحب الكافي، لأنّ بعض رواياته لا يقول بصحتها كبّار علماء الإثنى عشريّة، كالمرتضى و الطّوسي» [3].
و نجيب فضيلة الشّيخ: بأنّ التّشكيك في بعض روايات الكافي لا يستدعي طرح رواياته كلّها. و قد شكّك كثير من الحفّاظ ببعض الرّواة الّذين اعتمد عليهم البخاري في صحيحه، و مع ذلك لم يطرح أهل السّنّة كل ما في البخاري.