و إن اريد منه تطبيق العمل على مؤدّاه على أنّه الواقع و التّدين به على أنّه من الشارع كما هو معنى الحجّية فهو تشريع و افتراء يستقلّ العقل بقبحه.
و وجه اندفاع هذا الإيراد عن الاستدلال: أنّ ما ذكره من كون التديّن بالظنّ افتراء يستقلّ العقل بقبحه، و كون الاستناد إليه مع معرضيته لتفويت واقع أو طرح ظاهر محرّما بأدلّة الواقع و الظاهر إنما هو مقتضى الأصل الأولي في حكم الظنّ المشكوك الاعتبار أو المعلوم عدم الاعتبار، و هو خارج عن محلّ النزاع لما عرفت من عدم تعقّل النزاع في عدم جواز العمل بالظنّ من حيث إنّه ظنّ و إن لم يرجع إلى مقدمات علمية و ان النزاع إنّما هو في جواز العمل به من حيث إرجاعه إلى مقدّمات علمية بالأخرة.
و بعبارة اخرى: انّ محلّ النزاع في حكم الظنّ ليس في حكمه بمقتضى الأصل الأوّلي الذي هو مرجع الشاكّ في حجّيته عند عدم الدليل على حجّيته حتى يكون هو الحرمة عقلا و شرعا، بل إنّما هو في حكمه بمقتضى الأصل الثانوي الذي هو مرجع غير الشاكّ. فتدبّر جيدا.
هذا كلّه في بيان المراد من مطلق الظنّ و من حجّيته.
و أمّا ثمرة النزاع فتظهر في مرجعية مطلق الظنّ على القول بحجّيته و مرجعية أصل البراءة أو الاستصحاب و إن كان موهوما على القول بعدم حجّيته.
[انقسام الأدلّة المستدلّ بها على حجّية الظن إلى نقلية و عقلية]
و إذ قد عرفت محلّ النزاع و ثمرته، فاعلم أنّ الأدلّة التي استدلّ بها على حجّية مطلق الظنّ على ضربين: نقلية و عقلية.
أمّا الوجوه النقلية فقد تعرّضنا لنقلها مستقصى في أول حجّية المظنة عند التعرض لكلام الماتن في تأسيس الأصل و من شاء فليراجع، فلا نطيل بالإعادة.
[دراسة الوجوه العقلية على حجّية الظن]
و أمّا الوجوه العقلية فقد تعرض الماتن لنقلها مستقصى في المقام حيث