من الشهرة و استظهار الإجماع و السيرة المستمرّة عليه- هو انطباق جميع ظواهر الأخبار و الآيات الواردة في المضمار عليه؛ فإنّ ظاهر التبيّن المنوط به اعتبار خبر الفاسق في آية النبأ هو التبيّن الظنّي مطلقا من أيّ مرتبة كان، حسبما مرّ بأبلغ وجه.
و كذا ظاهر كلّ من الوثاقة و الأمانة و الصداقة في الراوي- المعلّل بها اعتبار الرواية في أكثر الأخبار و منصرف سائر المطلقات بظاهر العلّية- لا يزيد على أكثر من الظنّ بصدور الرواية؛ و ذلك لأنّ من المعلوم على كلّ من له ذوق سليم و فهم مستقيم أنّ اعتبار الشارع رواية الموثّق و المأمون و الصادق ليس لأجل التعبّد بصفة الوثاقة و الأمانة و الصداقة- و إن لم تقرّب جهة الصدور إلى الواقع، على وجه تكون العلّة هي محبوبيّة ذلك الراوي المتّصف بتلك الصفات و إن لم تقرّب روايته إلى الواقع، و مبغوضيّة العاري عن تلك الصفات و إن قرب روايته إلى الواقع- بل إنّما هو لأجل غلبة إيصال تلك الصفات إلى الظنّ بصدور الرواية و موافقتها للواقع، نظير ما لو أمر المولى عبده بشراء، كلّ متاع من سوقه، فإنّ من المعلوم أنّه لأجل التوصّل إلى ما هو الغالب من أرخصيّة كلّ متاع في سوقه و أضبطيّة قيمته فيه، كما لا يخفى.
فتلخّص ممّا ذكرنا: أنّ مفاد جميع ظواهر القيود المأخوذة في الآيات و الأخبار لحجّية الأخبار هو تقييد الحجّية بمطلق مظنون الصدور من الأخبار، دون التقييد بخبر العادل، أو المفيد للظنّ الاطمئناني، كما زعم، و دون عدم التقييد بشيء، القريب إلى مذهب الحشوية.
أمّا وجه الأول- و هو عدم التقييد بما يزيد عن مطلق الظنّ- فلما عرفت من أنّه ليس في شيء من الآيات و الأخبار الواردة في المضمار ما يزيد على التقييد بالتبيّن و الوثاقة و الصداقة و الأمانة، و ليس في شيء من تلك القيود ما يزيد