لم ينفك حصوله عنهما، بل و لو توقّف حصوله و الانتقال إليه على توسّط أمر خفيّ و لو نظري، كالتصديق البديهي المتوقّف على تصوّرات نظرية.
و من هذه المقدّمة يعلم أنّ العلم النظري بمنزلة المسبب المنكشف عن وجود المقدّمتين كانكشاف حدوث العالم مثلا عن قولك: «العالم متغيّر، و كلّ متغيّر حادث» و الضروري بالعكس، أعني بمنزلة السبب الكاشف عن وجودهما ككاشفية أعظمية الكلّ من الجزء عن قولك: «الكلّ مشتمل على الجزء و زيادة، و كلّ مشتمل على الجزء و زيادة فهو أعظم من الجزء».
و أيضا لا إشكال في أنّ حصول بعض التواترات و وجودها نظرية يحتاج إلى توسّط المقدّمتين و إمعان النظر فيها، و الوقوف على حال المخبرين من تكاثرهم و تباين آرائهم و اختلاف بلادهم، و تحرّزهم كلّا أو بعضا عن تعمّد الكذب، و كون الكثرة بحيث لم يصلح لوقوع السهو و الخطأ فيه منهم، إلى غير ذلك من الامور المعتبرة في حصول العلم بصحّة الخبر، كما في العلم بتواتر بعض المعجزات و نحوها ممّا يكون العلم به تدريجيّ الحصول.
و لا في أنّ حصول بعض التواترات الأخر و وجودها ضروريّ لا يحتاج إلى إمعان النظر فيها و الوقوف على مقدّماتها، كتواتر بعض البلدان النائية، كالهند و الصين و نحوهما ممّا يكون العلم به دفعيّ الحصول.
و بالجملة: لا إشكال و لا خلاف في أنّ العلم بالتواتر على قسمين:
قسم منه نظري متدرّج الحصول، من إمعان النظر و الفكر في مقدّمات حصوله، كالعلم بتواتر بعض الأخبار.
و قسم منه ضروري دفعيّ الحصول لا يتوقّف على ذلك النظر و الفكر، كالعلم بتواتر مكّة و نحوه.
[الخلاف في كيفية العلم الحاصل من التواتر المعلوم]
و من هذه المقدّمة يعلم تحرير محلّ النزاع و أنّ النزاع في المسألة ليس في