حسبما تقدّم وجهه- كذلك الظنّ المطلق المتنازع في إثباته الظواهر يعمّ مطلق الظنون الحاصلة من الأسباب الحسيّة، كالاستقراء و إخبار أهل الخبرة و نحوهما، أو من الأسباب الحدسيّة كالتبادر و نحوه، و لا يختصّ بظنّ دون ظنّ. و من هنا يعلم أنّ الاحتجاج على اعتبار مطلق الظنّ في تشخيص الظواهر باعتبار قول اللغويين ليس أخصّ من المدّعى كما قد يتوهّم، لأنّه بضميمة عدم القول بالفصل يتمّ في سائر الظنون.
و إذ قد عرفت تشخيص محلّ النزاع من الجهات الأربع، فاعلم أنّ الأوفق إلى أصالة حرمة العمل بالظنّ و عدم حجّية ما لم يخرج عن تحت الأصل و إن كان هو عدم حجّية الظنّ في إثبات الظواهر إلّا أنّ الانصاف الملزم للاعتراف هو حجّيته و خروجه عن تحت الأصل بوجوه- وفاقا لمشاهير الأسلاف و الأخلاف-:
منها: انسداد ما عدا الظنّ المطلق في تشخيص الظواهر من أبواب العلم كالتواتر و نحوه، كما انسدّ باب ما عداه في تشخيص الموضوعات المستنبطة و إن لم ينسدّ بابه في تشخيص الأحكام.
[رد دعوى الماتن كون أكثر موارد اللغات معلوم]
و دعوى الماتن اندفاع الانسداد: بأنّ أكثر موارد اللغات إلّا ما شذّ كلفظ الصعيد معلوم من العرف و اللغة، كلفظ السماء و الأرض و الماء و الخبز و الملح، إلى غير ذلك و المتّبع في الهيئات هي القواعد العربيّة من الاستقراء القطعي و اتفاق أهل العربيّة و التبادر مع ضميمة أصالة عدم القرينة ففيه:
أوّلا: منع معلومية أكثر اللغات، أمّا من كتب اللغة فلأنّها معدّة لبيان غير المعلومات و إحالة المعلومات إلى العرف، أ لا ترى قولهم في الملح: إنّه معروف، و كذا في التنحنح و المنديل و أمثالهما.
و أمّا من العرف فلأنّه و إن كان فيه معلومات لا تحصى إلّا أنّ الغير المعلوم