قلت: لا منافاة بينهما؛ ضرورة أنّ المراد من الشكّ في المقتضي هنا ليس الشكّ في أصل الظهور العرفيّ لفظا- لوضوح أنّ الظهور العرفي من العموم و الإطلاق، مضافا إلى أنّه بحسب اللفظ مقطوع به، لا أثر لاستصحابه على فرض الشكّ إلّا على تقدير اعتباره من باب التعبّد و الموضوعيّة، لا من باب الطريقيّة- بل المراد من الشكّ في المقتضي إنّما هو الشكّ في المقدار المعتبر من ذلك الظهور العرفيّ المتحقّق لفظا، كما لا يخفى.
[وجوه الأقوال في كيفية حجّية الظواهر]
المطلب الخامس: في مدارك الأقوال و بيان حقيقة الحال.
فنقول: أمّا القول باعتبار الظواهر من باب السببية و إن كان لازم القائلين بجواز العمل بالعامّ قبل الفحص لا سيما في الأخبار الوصوية- كما قال به جماعة من الأخبارية- إلّا أنّه مع ذلك ضعيف بالغاية؛ و فضيح إلى النهاية، و معلوم الخلاف بالدراية و الرواية، حسبما بيّن في محلّه بما فيه الكفاية و العناية.
و أمّا القول باعتبارها من باب الظنّ الفعليّ فالقائل به غير واحد من أفاضل المعاصرين، وفاقا لما عن الإشارات [1] و القوانين [2] و علّامة مشايخنا من الأساطين، و حجّتهم عليه وجوه. عمدتها الأصل الأصيل المتقدّم على وجه التفصيل.
و منها: الاستشهاد بعدم جواز العمل بالعامّ قبل الفحص و اشتراط العمل به عند المشهور بالفحص المحصّل للظنّ بعدم المخصّص و اليأس عنه، و لو لا اعتبار الظواهر من باب الظنّ الفعليّ لجاز العمل به قبل الفحص من غير اشتراطه بتحصيل الظنّ بعدم المخصّص و اليأس عنه؛ ضرورة وجود الظنّ الشأنيّ من عموم العامّ لو خلّي و طبعه.