العقلي؛ كصاحب الفصول [1]، أبعد من الإشكال المذكور، إذ المقتضي أعم من أن يكون مدلولا لفظيّا أو لا، فيشمل ما إذا كان التعارض بلحاظ أمر خارجي كالإجماع و العلم الإجمالي؛ من غير إشكال.
و كيف كان فقد ظهر أنّه لا بدّ في صدق التعارض من ثبوت التنافي بين المدلولين، و لو في مقتضاهما، و لو بالالتزام العقلي، بأن يكون أحدهما نافيا لما أثبته الآخر، و إن لم يكن بالدلالة اللفظيّة، فعلى هذا مجرّد العلم بكذب أحد الخبرين [2] و عدم مطابقة مدلوله للواقع لا يكفي في صدق التعارض، مثلا إذا دلّ خبر على وجوب غسل الجمعة، و خبر آخر على وجوب الدعاء عند رؤية الهلال، و علم من الخارج أنّ أحد الخبرين [3] كاذب أو أنّ أحد الحكمين مخالف للواقع، من غير أن يكون هناك ملازمة عقليّة أو شرعيّة بين ثبوت أحدهما و نفي الآخر، لا يكونان من المتعارضين، لعدم التنافي بين المدلولين، و لو في مقتضاهما، غاية الأمر العلم بعدم مطابقة أحدهما للواقع، و إلا فلا ينفي كلّ منهما الآخر، فلا تجري عليهما أحكام التعارض.
و الفرق بين هذا المثال و مثال الظهر و الجمعة، و الأصلين المتعارضين واضح، إذ بعد الإجماع على عدم وجوب صلاتين في يوم واحد يتنافى مقتضى الخبرين، و كذا بعد العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإنائين يتنافى مقتضى الأصلين، و يكون كلّ منهما نافيا لما أثبته الآخر.
و الحاصل: إنّه يعتبر التنافي بين المدلولين في حدّ نفسهما، و لو بلحاظ أمر خارجي من إجماع أو علم إجمالي، و لا يكفي التنافي في علم المكلّف، ففي الخبرين اللذين لا ربط بينهما، بل كلّ منهما مثبت يحكم [4] في موضوع مغاير للآخر، و علم كذب أحدهما يعمل بهما إن لم يلزم منه طرح تكليف منجّز معلوم، و إلا فيجب طرحهما، و العمل بالاحتياط فتدبر!