أمّا في تعدد العنوان فواضح، و أمّا في غيره فلبناء العقلاء على ترجيحه و عدم جعله معارضا بالآخر، هذا في غير الترجيح التعبدي و أمّا فيه ففي صورة العلم به فهو الدليل.
[الأمر] الثاني: [دوران الأمر بين التعيين و التخيير]
ذكر الأصوليون في مسألة دوران الأمر بين التعيين و التخيير وجهين في أنّه يجب الأخذ بالمعيّن أو هو مخيّر، و تحقيق الحال:
أنّه قد يفرض الدوران في التكاليف بين الأمارتين [1]، و قد يفرض في الأدلة، و لكل منهما صورتان إحداهما أن يكون المقتضى للوجوب أو للحجيّة موجودا لكل واحد من الأمرين و كان الشك في التعيين راجعا إلى الشك في سقوط الآخر عن الوجوب أو الحجيّة ففي التكاليف كالواجبين المتزاحمين إذا اقترن أحدهما بما يحتمل أن يكون موجبا لتقديمه، و في الأدلة كما إذا فرضنا شمول دليل الحجيّة لكل من المتعارضين بحيث يكون مقتضى القاعدة التخيير مثلا، و شكّ من جهة وجود مزيّة في أحدهما لا سقوط [2] الآخر عن الحجيّة.
الثانية: أن لا يكون المقتضى موجودا بأن علم من الأول وجوب شيء و شك في كونه واجبا معينا أو مخيّرا بينه و بين الآخر كما إذا علم بوجوب صلاة عليه و لا يدري أنّها الجمعة أو مخيّرا بينها و بين الظهر، أو علم بحجيّة هذا الخبر عينا أو تخييرا بينه و بين الأخرى .. ففي الصورة الأولى من الدوران بين التعيين و التخيير في التكليف [3] مقتضى القاعدة هو الحكم بالتخيير و عدم الاعتناء باحتمال التعيين؛ لأنّ الشك في التعيين راجع إلى الشك في سقوط الآخر عن الوجوب و الأصل عدمه.
و بعبارة أخرى: المرجح المشكوك الوجود أو المشكوك المرجحيّة على فرض وجوده أو اعتباره مانع عن وجوب الآخر و الأصل عدمه من غير فرق بين أن يكون من جهة احتمال تعدد العنوان أو من جهة احتمال الأهميّة أو الآكديّة في الوجوب؛