إذ على الأول الأصل عدم وجود العنوان الآخر و عدم العقاب من جهته، و على الثاني أيضا نقول الآكديّة كلفة زائدة مدفوعة بالأصل، و لو كان الواجب بل الوجوب أمرا واحدا.
و من ذلك يظهر الجواب عمّا يمكن أن يقال: إنّ الشك يرجع إلى الوجوب الفعلي في الآخر و الأصل عدمه؛ إذ الشك في وجوبه الفعلي في الحقيقة من جهة الشك في سقوطه و وجود المانع عنه، و هما مدفوعان بالأصل.
فإن قلت: ما ذكرت إنّما يتم إذا فرض تعلّق التكليف بالآخر فعلا ثمّ طرأ العجز عن الإتيان بهما و أمّا إذا كان من أول الأمر عاجزا فلا يدرى أنّه هل وجب عليه خصوص هذا أو ذاك [1] مخيّرا فلا يكون الشك في سقوط التكليف بل في ثبوته بالنسبة إلى الآخر مجرّد [2]، و أمّا وجوب هذا فمعلوم فلا يجوز تركه و إتيان الآخر.
قلت: لا نحتاج إلى الثبوت الفعلي بل يكفي شمول الدليل له من حيث هو و إن كان غير منجّز [3] من جهة المزاحمة فمقتضى قوله أنقذ كل غريق وجوب إنقاذ كليهما و العجز عن ذلك لا يقتضي إلا عدم التنجز بالنسبة إليهما معا، و أمّا أصل الوجوب فهو ثابت؛ فإذا فرضنا الشك في أنّ المنجز خصوص أحدهما أو أحدهما المخيّر فنقول التعيين [4] يحتاج إلى دليل.
فإن قلت: إنّ المفروض تنجز التكليف بالنسبة إلى أحدهما أعمّ من المعين و المخيّر و بالنسبة إلى الآخر مشكوك.
قلت: هذا لا يثمر بعد كون القدر المعلوم هو المخيّر.
فإن قلت: التخيير إذا كان بحكم العقل فهو لا يحكم به إلا بعد إحراز التساوي و عدم المزيّة [5] فبمجرّد الاحتمال يجب اختيار ذي المزيّة تحصيلا لتعيين البراءة.