كشفه، و كذا قوله خذ بقول فلان لأنه ثقة، و قوله: «أ فيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني .. إلى غير ذلك، مثل الأخبار العلاجيّة الآمرة بالرجوع إلى الأعدل و الأصدق و نحوهما.
الثاني: أنّ مقتضى الأصل فيما شكّ كونه معتبرا من باب التعبّد أو الطريقيّة هو الثاني إذا كان كاشفا عن الواقع نوعا؛ خصوصا إذا كان معتبرا في طريقة العقلاء و أمضاه الشارع، و ذلك لأنّ الظاهر أنّ الشارع اعتبره من حيث كشفه.
فإن قلت: هذا الظهور مسلّم إلا أنّه لا يرجع إلى اللفظ، فلا دليل على اعتباره.
قلت: يمكن إرجاعه إلى الظهور اللفظي؛ بدعوى: أنّ العرف يفهم من دليل اعتباره اعتباره على هذا الوجه، و من هذه الحيثيّة.
و قد يقال: إنّ مقتضى الأصل الطريقيّة لا لما ذكر، بل لأنّ الموضوعيّة تحتاج إلى لحاظ زائد، و هو لحاظ البدليّة عن الواقع، و الأصل عدمه.
و فيه: ما ترى فإنّ الجعلين متباينان، و ليسا من الأقلّ و الأكثر، بل يمكن دعوى أولويّة العكس؛ لأنّ التعبديّة يكفيها مجرد الأمر بالعمل، و الطريقيّة تحتاج إلى لحاظ زائد و هو لحاظ الإيصال، و لحاظ البدليّة غير لازم على التعبديّة؛ إذ هي قهريّة مع أنّ أصل البدليّة ممنوعة.
و دعوى أنّ فرض الكلام إنّما هو فيما يكون كاشفا فمجرّد الاعتبار يقتضي الطريقيّة مدفوعة بأنّ الكاشفيّة الموجودة غير كافية، فمجرد الاعتبار لا يقتضي إلا ما ذكرنا من التعبديّة.
و التحقيق ما عرفت من أنّهما متباينان؛ فلا يتم الأصل إلا بالوجه الذي ذكرنا، و ممّا ذكرنا ظهر أنّ الحقّ كون البيّنة و اليد و السوق و نحوها معتبرة من باب الطريقيّة.
ثمّ لا يخفى أنّه يمكن أن نفرق بين السببيّة و الموضوعيّة أيضا بأن يراد من الأولى كون الخبر موجبا و مقتضيا لوجوب العمل بمؤداه مثلا، و من الثانية كونه موضوعا له لا سببا و مقتضيا؛ فتدبّر!.
الخامس: [اشتباه اللاحجّة بالحجّة]
إذا اشتبه الحجّة و اللاحجّة- سواء كانا متعارضين أو لا- فهل تبطل حجيّة الحجّة