نام کتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة نویسنده : المنصوري، الشيخ أياد جلد : 1 صفحه : 355
و قوله (ع): «مَنْ أفتى الناس بغير علم، كان ما يفسده أكثر ممّا يصلحه» [1].
و المتحصل من جميع ما تقدّم هو: إنّ للشارع حكمين على موضوعين:
أحدهما: ما لا يكون صادراً من الشارع، يحرم إسناده إليه.
و الآخر: ما لا يعلم بصدوره من الشارع، يحرم إسناده إليه.
و الفرق بين الحكمين يكمن في اختلاف موضوعيهما؛ فإن موضوع الحرمة الأولى هو عنوان: (الكذب)، أي: (إسناد ما لم يصدر واقعاً)، و مرجعه إلى أخذ عدم الصدور واقعاً موضوعاً لحرمة الإسناد، و موضوع الحرمة الثانية هو عنوان: (القول بلا علم)، أي: (إسناد ما لا يعلم صدوره) و إن كان صادراً في الواقع، و مرجعه إلى أخذ عدم العلم بالصدور موضوعاً لحرمة الإسناد.
و حينئذٍ، فلو قطع المكلف بصدور الحكم الشرعي من الشارع، انتفت كلتا الحرمتين لانتفاء موضوعيهما؛ لأن موضوع الحرمة الأولى هو عدم الصدور واقعاً، و قد قطع المكلف بالصدور بحسب الفرض، فيكون قطعه طريقاً لنفي موضوع تلك الحرمة، و بالتالي، يكون طريقاً لنفي تلك الحرمة، فيقطع بعدم الحرمة للقطع بعدم موضوعها، فهو- أي: القطع بالصدور- إذن من القطع الطريقي بالنسبة لنفي الحرمة الأولى.
و أما بالنسبة للحرمة الثانية، فحيث أن موضوعها هو عدم العلم بالصدور، فعليه يكون قطع المكلّف بالصدور موضوعاً لنفي هذه الحرمة، فيكون بالنسبة إلى نفيها من القطع الموضوعي، و حيث أن معنى انتفاء تلك الحرمة هو جواز الإسناد، أمكننا القول بأن العلم بالصدور موضوع لجواز الإسناد، فيكون من القطع الموضوعي بالنسبة لهذا الجواز، أي: (إذا قطعت بصدور الحكم من الشارع جاز لك إسناده إليه) [2].
[2] إذ يمكن إرجاع الحكمين إلى حكم واحد لموضوع واحد، و هو حرمة إسناد ما لا يعلم صدوره من الشارع إليه، سواء أ كان صادراً في الواقع أم لا، و هو المعبّر عنه بالتشريع- أي: إسناد الشيء إلى الشارع- مع عدم العلم بتشريعه، غاية الأمر، إن لم يكن صادراً في الواقع، كان كذباً فيكون حراماً من باب حرمة الكذب، و إن كان صادراً في الواقع، كان من القول بلا علم فيحرم لأنه قول بلا علم.
فلا فرق بين أن تقول: إن القطع بصدور الحكم الشرعي من الشارع موضوع لنفي الحرمة، أو أن تقول: إنّه موضوع لجواز الإسناد إلى الشارع؛ لأن نفي حرمة الإسناد إلى الشارع عبارة أخرى عن جواز الإسناد إليه.
نام کتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة نویسنده : المنصوري، الشيخ أياد جلد : 1 صفحه : 355