نام کتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة نویسنده : المنصوري، الشيخ أياد جلد : 1 صفحه : 354
جواز الإسناد إلى الشارع:
نحن نعلم بأن الشارع قد حكم بحرمة الكذب، و هو- أي: الكذب- مخالفة الخبر للواقع، فيكون من أفراده إسناد ما لم يصدر من الشارع إليه، كما لو قال أحدهم: إن الشارع قد حكم بحرمة أكل لحم الأرنب- مثلًا- مع العلم بعدم صدوره واقعاً من الشارع، فإن هذا كذبٌ على الشارع فيكون حراماً.
و كذلك نعلم بحرمة إسناد ما لم يعلم بصدوره منه إليه و إن كان صادراً في الواقع [1]؛ لأنه من القول بلا علم، و الذي قد نهى الشارع عنه بقوله: قل الله أذِنَ لكم أم على الله تفترون[2]، و كذلك قوله: إن الظن لا يغني من الحق شيئاً[3].
و قوله (ص) في عداد القضاة من أهل النار: «و رجل قضى بالحق و هو لا يعلم» [4].
[1] اعلم أنّ ما يسند إلى الشارع من أحكام، إما أن يعلم بصدوره منه، أو لا يعلم بصدوره منه، أو يعلم بعدم صدوره منه، و على كل منها، أما أن يكون قد صدر فعلًا أو لا، فهذه ست صور:
فبالنسبة للصورتين الأولى و الثانية، و هي صورة العلم بالصدور مع كونه صادراً في الواقع، و صورة العلم بالصدور مع عدم كونه صادراً في الواقع، فلا شبهة في عدم تحقق التشريع المحرّم فيهما؛ و ذلك للعلم بالصدور، فلا يكون من القول بلا علم.
و أما بالنسبة للصورتين الخامسة و السادسة، و هما: صورة العلم بعدم الصدور مع كونه صادراً في الواقع، و صورة العلم بعدم الصدور مع عدم كونه صادراً في الواقع، فلا ريب في تحقق التشريع و حرمته.
و أما الصورتان الثالثة و الرابعة، و هما: صورة عدم العلم بالصدور مع كونه صادراً في الواقع، و صورة عدم العلم بالصدور مع عدم كونه صادراً في الواقع، فهنا، تارة تقوم أمارة معتبرة من الشارع على الحكم، و أخرى لا توجد مثل تلك الأمارة، فعلى الثاني، لا شك و لا ريب في تحقق التشريع و حرمته. و أمّا على الأول و هو ما وقع مورداً للبحث، فإن قلنا بقيام الأمارة مقام القطع الموضوعي، أو قلنا بقيام الإجماع أو السيرة على جواز إسناد مؤديات ما قامت عليه الحجّة الشرعية إلى الشارع، فلا يتحقق التشريع، و إن أنكرنا ذلك، كان من التشريع المحرّم.
ثم إن التشريع تارة يتحقق بمجرد القول بأن ينسب إلى الشارع قولًا لم يقله، و أخرى يكون بالعمل بأن يفعل فعلًا على أنّه من الشارع و الحال أنّه ليس منهُ، و لا فرق بينهما من حيث الحرمة