لاحتمال الحجية في ذلك؛ فإنّ احتمالها مساوقٌ للقطع بعدمها من حيث ترتب الأثر، فكما أنه في حالة القطع بعدم حجية مثل هذا الخبر يكون المرجع هو البراءة الشرعية، فكذلك الحال مع احتمال الحجية؛ و ذلك لانحفاظ موضوع البراءة الشرعية و هو عدم العلم بالتكليف في الحالتين.

بل أنّ موضوع البراءة ثابت حتى مع قيام الدليل القطعي على حجّية هذا الخبر؛ و ذلك لأنّ الخبر حتى بعد جعل الحجّية له، لا يخرج مفاده و مؤداه عن كونه مظنوناً أو مشكوكاً، فيكون داخلًا في موضوع البراءة الشرعية، غاية الأمر سوف يحصل التعارض بين هذين الدليلين، و في هذه الحالة يقدم دليل حجّية الخبر على دليل البراءة؛ لأنه أقوى منه أو حاكم عليه‌ [1]، و أما مع عدم ثبوت الدليل الأقوى كما في حالة احتمال الحجيّة، فيؤخذ بدليل البراءة.

ثالثاً: إذا كان المرجع له الاستصحاب‌

و أمّا لو كان المرجع له هو الاستصحاب، كما لو افترضنا أنَّ أركان الاستصحاب بالنسبة لعدم وجوب الدعاء عند رؤية الهلال تامة، من يقين سابق بعدم الوجوب و لو بلحاظ ما قبل التشريع، حيث نعلم بعدم جعل الشارع لوجوب الدعاء عند رؤية الهلال في تلك الفترة، و شك لاحق في الوجوب، ففي هذه الحالة، تكون نتيجة الاستصحاب عدم الوجوب، و هذه النتيجة تبقى ثابتة و لا تتغير حتى مع احتمال الحجيّة لذلك الخبر؛ و ذلك لتماميّة أركان الاستصحاب حتى مع قيام هذا الاحتمال‌ [2]؛

لأنّ احتمال الحجيّة للخبر الذي مفاده وجوب الدعاء، لا يجعل وجوب الدعاء

[1] حكومة دليل حجية الخبر على دليل البراءة الشرعيّة، إنّما يكون بناءً على مسلك جعل الطريقية و العلميّة للمحقق النائيني، فبجعل الحجّية للخبر، يكون مورده خارجاً عن دائرة موضوع البراءة الشرعية تعبداً، فيكون دليل حجية الخبر حاكماً على دليل البراءة

[2] بل أركان الاستصحاب تامّة- أيضاً- حتى مع حجّية هذا الخبر؛ لما بيّناه مراراً من أنّ الخبر حتى مع جعل الحجّية له، لا يخرج مؤدّاه عن كونه مشكوكاً، و حينئذٍ، سوف يقع التعارض بين الاستصحاب الدال على عدم وجوب الدعاء، و بين الخبر الدال على وجوبه، و يُقدّم الخبر على الاستصحاب من باب تقديم الأمارة على الأصل العملي، و هذا ممّا لا خلاف فيه و إن وقع الخلاف في كيفيّة توجيه ذلك، على ما سيأتي تفصيله في باب التعارض إن شاء الله تعالى.