و إن كان الحكم الظاهري المجعول عند الشكّ في الحكم الواقعي متحداً نوعاً مع ذلك الحكم، لزم اجتماع المثلين، أي اجتماع حكمين من نوع واحد على موضوع واحد، كما لو فرضنا أن الواقع كان الحلية و دلّت الأمارة على الحلية أيضاً، أو افترضنا أن الواقع هو وجوب الدعاء عند رؤية الهلال و دلّت الأمارة على وجوبه أيضاً، فقد اجتمع المثلان، و اجتماع المثلين في الاستحالة كاجتماع الضدّين؛ لأنه يلزم منه اجتماع إرادتين على مراد واحد؛ فإنّ مبادئ الوجوب هي المصلحة و الإرادة، فاجتماع وجوبين على موضوع واحد- و هو الدعاء عند رؤية الهلال-، يعني اجتماع إرادتين على مراد واحد و هو مستحيل؛ لعدم تصور التعدّد و التكثّر في الإرادة، بل هي واحدة و لكنّها قد تكون شديدة و قد تكون ضعيفة [1].

فإن قيل‌: لما ذا لا يعتبر- في هذه الحالة- الحكم الثاني مؤكداً للحكم الأول، فلا يلزم أي محذور من اجتماع المثلين‌ [2].

كان الجواب: إن التأكيد إنّما يعقل في أمرين يثبت أحدهما في عرض ثبوت الآخر بحيث يمكن ثبوتهما لشي‌ء واحد في آنٍ واحد، لا في أمرين يكون ثبوت أحدهما

[1] و هذا من قبيل ما يقال بالنسبة للنور فإنّه غير قابل للتعدّد و التكثّر بل هو إمّا شديد أو ضعيف فلو أشعلت شمعة في غرفة مظلمة فإنها سوف تنير الغرفة بدرجة ما، و لو أشعلت شمعة ثانية فإن مستوى الإنارة سوف يزداد، و سوف يكون مستوى النور في الغرفة بدرجة أشد مما كان عليه في الحالة الأولى، و لا معنى للقول بأن في الغرفة نورين بل هو نور واحد غاية الأمر أنه أصبح شديداً بعد أن كان بدرجة أضعف، و هذا معنى ما يقال عادةً: بأنّ صرف الشي‌ء لا يتثنّى و لا يتكثّر

[2] هذا ما أجاب به المحقّق النائيني عن محذور لزوم اجتماع المثلين عند مصادفة الأمارة أو الأصل للواقع، حيث قال في فوائد الأصول، ج 3، ص 99: «إنّ لزوم اجتماع المثلين ليس محذوراً؛ فإنّ الاجتماع يوجب التأكّد».