و لا بد أن هؤلاء الخوارج اختاروا اليمامة لإدراكهم بأن الأوضاع في اليمامة تلائم مجيء الخوارج إليها و إن لهم فيها من يسندهم و يعطف عليهم، و لعل للشعور القبلي أثر في ذلك و أنهم من عشائر اليمامة.
في سنة 65 ه اختار خوارج اليمامة أبا طالوت رئيسا لهم على أن يكون لهم حق إبداله و مبايعة من هو أفضل منه عندما يجدون ذلك [1]. و قد استولى أبو طالوت على الخضارم في اليمامة- و كانت في الأصل لبني حنيفة ثم أخذها معاوية بن أبي سفيان و جعل فيها أربعة آلاف من الرقيق و أسرهم- و قد وزع أبو طالوت العبيد على أتباعه، فكان في عمله هذا يناقض مبدأ المساواة الذي نادي به الخوارج و يظهر أن المساواة التي يدّعونها تقتصر على الأحرار دون العبيد، و قد أقام أبو طالوت أشهرا ازداد خلالها عدد أتباعه [2]، و لا بد أن يكون بعضهم من الأعراب الذين انضموا إليه طمعا في الغنائم، و البعض الآخر من بكر و حنيفة، و قد أيدوا الخوارج بسبب العصبية القبلية، و سخطهم على الحكم الأموي، و لأن طبيعة الخوارج تنسجم مع روح البداوة التي تمجد القتال.
و لما خرج نافع بن الأزرق و أتباعه من البصرة إلى الأهواز سنة
- ابن الأثير: الكامل 4/ 123، 165- 167. الذهبي: تاريخ الإسلام 2/ 367.
المبرد: الكامل في اللغة 3/ 1021- 1030.
[1] أنساب الأشراف: ج 6، ورقة 15 ب. و انظر الجزء الحادي عشر من تاريخ مصنف مجهول: 116.
[2] أنساب الأشراف: ج 6، ورقة 15 ب. الجزء الحادي عشر من تاريخ مصنف مجهول: 126- 127. ابن الأثير: الكامل 4/ 201، ابن خلدون: 3/ 313.